الأربعاء القادم الثالث من فبراير يمر علي رحيل كوكب الغناء الأول أم كلثوم 35 عاما ورغم مرور كل هذه السنون علي رحيلها فلم يتم حتي الآن الاتفاق علي مطربة واحدة بعدها وتبعثرت الأذواق وكلها وليدة اللحظة.. أما سيدة الغناء فلم يختلف عليها لقد اتفق عليها الجميع شبابا وشيبا كفنانة ذات موهبة إلهيه وما من مستمع جديد يستمع إليها إلا ويعشقها.

وإذا كان مطربو هذه الأيام ينعمون بعصر التكنولوجيا والأجهزة الحديثة والإنترنت فان أحدا منهم إلي الآن لم يستطع أن يقترب من هرم أم كلثوم الشامخ وفي عصرها لم تكن أم كلثوم هي الوحيدة علي الساحة بل كانت هناك أصوات متعددة كثيرة وجميلة ولها معجبوها كذلك ولكن هذه الأصوات ظلت تتحرك في ظلها ولكنها أبداً لم تتطاول إلي قامتها.

وعندما غنت أم كلثوم بالعامية لم تهبط إلي كلام الشارع المتدني كما هو حادث الآن يكون هذا هو غناؤها ولكنها مع كوكبة من شعراء العامية صنعوا مدرسة في هذا اللون جعلت عشاق الغناء يستقبلونه فأشجتنا بأغنيات مثل "أنا في انتظارك أنساك للصبر حدود عودت عيني سهران لوحدي هو صحيح الهوي غلاب ياظالمني حسيبك للزمن غلبت أصالح في روحي يارتني كنت النسيم الأولة في الغرام انت فين والحب فين" وغيرها كثير.

وعندما غنت قصائد الحب لم تكن كلماتها صعبة علي الأذن والفهم ولهذا رحب بها الجميع وتذوقوها ومنها "الأطلال أغار من نسمة الجنوب".

ان كل أغنية لأم كلثوم هي بمثابة رسالة دكتوراه تستحق أن تدرس وهذه العاشقة الريفية بدأت من "الكُتاب" وتعلمت القرآن الكريم وحفظته وأبوها الشيخ إبراهيم البلتاجي كان مؤذنا لقرية طماي الزهايرة بالمنصورة ثم عمل منشدا خلفها كما كان أخوها خالد منشدا أيضا والمؤكد ان هناك رابطة قوية بين تعلم القرآن الكريم في الصغر وبين ممارسة الغناء أو حتي العمل بالفن بشكل أو بآخر لان الصوت القوي يصنعه تدريب مخارج الصوت بالقراءة في سن صغيرة فما بالنا بمن تكون تلاوة القرآن بدايته لقد شاهدها واكتشفها الشيخان زكريا أحمد وأبو العلا محمد في السنبلاوين في إحدي ليالي رمضان حيث كانت هناك تنشد وتغني.

فهل نحن في حاجة إلي أن ننزل إلي القري والنجوع كي نكتشف أكثر من أم كلثوم جديدة بدلا من فقاقيع المدينة الذين هم جزء من نسيج التلوث اليومي.

وأم كلثوم لعبت بطولة ستة أفلام هي: "وداد ونشيد الأمل ودنانير وعايدة وسلامة وفاطمة وقد توقفت عن التمثيل بعد مرض الغدة الدرقية وجحظت عيناها والكلام عن أم كلثوم لا ينتهي وإذا كانت قد تلقت عشرات النياشين والأوسمة من الملوك والرؤساء في مصر والعالم العربي منذ زمن الملك فؤاد الأول وغنت له وظلت كذلك حتي رحلت عن دنيانا في فبراير 1975 بل ان رحيلها لم يكن رحيلا تقليديا بخبر قصير أو عابر ولكن موجات اذاعات مصر البرنامج العام وصوت العرب والشرق الأوسط قد انضمت ليعلن الراحل الكبير يوسف السباعي وزير الثقافة آنذاك خبر رحيلها للعالم كله كذلك فإن سيد مرعي رئيس مجلس الشعب حث أعضاء مجلس الشعب وقتها للوقوف حداداً علي روحها.