يس الأهل هؤلاء الذين تربطك بهم صلة الدم والرحم فقط، فربما أخ لك لم تلده أمك.. بعد سنوات طويلة من الحرمان وجد شاب يتيم من محافظة بني سويف، شريكة حياته التي يُمكنها مشاركته أفراحه وأتراحه، ويُمكنه اللجوء والحنو عليها.
تخرّج الشاب والفتاة في مؤسسة لرعاية الأيتام ببوابة الصعيد الشمالية، وبين هموم اليُتم وأحلام وآمال العيش في كنف أسرة تحتضنهما، قررا تكوين أسرتهما، وعدم الركون إلى أحزان بلا جدوى، والبدء في بناء سعادتهما المشتركة.
لكن كيف؟ كيف يصنعان فرحتهما بلا أهل يشاركوهما الفرحة؟ هكذا وقف صديق الشاب إلى جانبه، فتبرّع له بتكاليف الزفاف، "ولكن زفافك ملكي يا صديقي"، وكأن لسان حاله كان يقولها وهو يتبرّع له.
ومن سيحضر زفاف يتيمين تربيا في مؤسسة لرعاية الأيتام لا يعرفهما أحد؟ سؤال طرحه العريس بائسًا من حياته الماضية، رغم أن الأمل لم يبرح قلبه بعد أن سكنه الحب.
قرر الصديق المتبرّع، أن يبعث بدعوة لأهالي بني سويف جميعًا، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وكانت الفرحة.
"في بنت وولد أيتام، في مؤسسة الأيتام اللي عند الهلال الأحمر، هيتجوزوا النهاردة، بإذن الله، في قاعة ليلتي والقاعة هدية، وهم ملهمش أهل نهائي، والفرح هييقى فاضي، فعايزين كده أهل بني سويف يقفوا جنبهم، وكأننا إحنا أهلهم، ونروح نفرحهم، ونبارك لهم جوازهم، وكأننا اخواتهم وأصحابهم، وأهلهم، علشان فرحتهم ماتكونش ناقصة".. هكذا كانت الدعوة.
م يُصدق العروسان هذا الكم الكبير من الحضور، والفرحة العارمة التي اجتاحت قاعة الفرح واجتاحت قلبيهما اليتيمَين، ويبدو أنهما لم يعودا يتيمين بعد الآن، فمنذ اللحظة أصبحت لهم عائلة كبيرة، كبيرة للغاية، عائلة تضم الكثيرين من أهالي مدينة بني سويف العامرة.
إذ حضر الزفاف مئات من شباب بني سويف، شاركوا العروسين في صناعة فرحتهما، وإدخال السرور والبهجة إلى قلبيهما، ولم يكتف الكثيرون بالحضور فقط، فتبرع أحدهم بالزفّة، وآخر بالسيارة، وآخرون بهدايا أخرى كثيرة.
وتداول نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" صور الزفاف المبهج، مستعرضين القصة الرائعة لأخ لم تلده أم الشاب اليتيم، بل لعائلة كاملة ليس بينهم وبين الشاب والفتاة، أي صلة رحم، لكن ما بينهم حقًا صلة تراحم اجتماعي فقدناه كثيرًا في مجتمعنا