- لاحظت عليه ونحن نزن امتعتنا الاضطراب الشديد فقلت لزميلة معى : هذه الرحلة لا تبشر بالخير .
- الرجل كان يصرخ بكلمات متناقضة : انا أمريكي .. ليليتكم سودا .. اتقوا الله .. لاتقربوا النساء .
- قفز من مقعده فوق الركاب وأطاح بالمضيفة أرضا ثم حاول احتضانها وتقبيلها 
- جرى على كابينة القيادة ثم رجع يحاول فتح باب الطائرة .. والركاب يصرخون : مجنون وحيموتنا كلنا
- احد المضيفين لاحظ عليه الاضطراب قبل الاقلاع فسأل مرافقه هل يحتاج طبيا .. فرد صاحبه : راجل " مدروش .. اتركه ولا تقلق .
*****************************
هل هو إرهابي أم مجرد انسان مختل عقليا ، أم انه مريض بانفصام في الشخصية مثلما وصفه طبيب كان على متن الطائرة ؟ هل لاحظ عليه احد قبل الصعود اى نوع من الاضطراب ، أم انه كان شأنه شأن اى مسافر عائد من رحلة لبلد خليجي الى وطنه مصر ؟
" مصريون في الكويت تكشف تفاصيل ماحدث بين السماء والارض والطائرة محلقة فوق السحاب بعد ساعة من اقلاعها ، ثم إضطرارها العودة الى سلطنة عمان لتسليم هذا الرجل الذي أثار الرعب بين الركاب وكادت الرحلة تنتهى بمأساة لولا السيطرة عليه .
  وأغرب ما عرفناه ان هذا الشخص كان ممثلا لوزارة الثقافة المصرية في معرض الكتاب بسلطنة عمان ، اى أنه شخص عاقل ، او مفترض أنه كذلك ،  والا ما أرسلته وزارة معنية لها قيمتها وثقلها مندوبا لها في معرض ثقافي كبير يأتيه زائرون من كل دول العالم ، فما الذي حدث له ومنه أثناء الرحلة ، وهل ستصدر وزارة الثقافة بيانا مفصلا عن مندوبها أم لا؟
أحد ركاب الطائرة واسمه أحمد الشاذلي ممثل دار أجيال للنشر والتوزيع اخبرنا بأشياء لها العجب ، تكاد لا تُصدق وتثير الضحك ربما اكثر ما تثير الخوف ، التقيناه وتحدثنا معه بعد ان سجد لله شكرا ان عاد سالما الى ارض الوطن ، وقد عاش ورأى الرعب بعينه وذهب خياله اثناء الرحلة الى بعيد متأثرا بحوادث أخرى مشابهة ، بحيث ظن ومعه الركاب ان الطائرة مختطفة وربما أجبر المختطف كابتن الطائرة الى الهبوط في بلد ما ، ولأنه ممثل دار نشر – اقصد احمد الشاذلي – ترك لخياله ان يسرح لأبعد نقطة ممكن ان يصل اليها متوجسا خيفة ، داعيا الله ان تنتهى هذه المسرحية التي أسماها بالهزلية على خير ويعود جميع ركابها الى أهلهم سالمين.
يقول احمد الشاذلي : اكثر من نصف ساعة من الرعب والقلق والتوتر والاضطراب عشناها في طريق عودتنا من سلطنة عمان الى مصر ، فقد كنت في عمان لمدة اسبوعين ممثلا لدار أجيال في معرض الكتاب ، وقضيت أجمل اسبوعين في هذا البلد الخليجي المضيّاف ، وعند العودة وانا في المطار نزن أمتعتنا ، رأيت هذا الرجل ، وكنت قد رأيته قبل ذلك في المعرض بشكل متقطع ، فوجدته في صالة السفر يأتي بتصرفات عجيبة ، يتحدث بصوت عال جدا ، ويروح ويجىء بشكل غير متزن ، مما لفت انظار الجميع اليه ، ومن شدة قلقي منه أخبرت زميلة معى ان هذه الرحلة لا تبشر بخير قائلا في سري : ربنا يستر .
يكمل الشاذلي : المهم صعدنا الطائرة وكل جلس في مكانه ، وتم الاقلاع والأمور هادئة ، وبعد ساعة تقريبا ونحن بين السماء والارض ، وجدت هذا الرجل وكان يجلس بجوار الشباك قام مرة واحدة وتخطى الراكبين الذين معه في نفس الصف دون استئذان ، وجرى مباشرة الى كابينة القيادة يريد ان يقتحمها .
حدث هرج ومرج في الطائرة والرجل يحاول فتح باب الطائرة كي تسقط بنا جميعا ، وراح يصرخ بهذيان غريب ويقول كلاما غير متسق  : انا أمريكي .. انتوا ليلتكم سودا .. اتقوا الله .. لاتقربوا النساء .. لا اله الا الله محمد رسول الله ، ثم – وهذا العجيب – أمسك المضيفة وحاول ان يقبلها عنوة وهى خائفة تصرخ رعبا واضطرابا ، وحاول اثنان من رجال أمن الطائرة إمساكه والسيطرة عليه لكنه أطاح بهما بقوةغريبة ، والى هذه اللحظة وكلنا خائفون ان يكون معه سلاح اواى شىء يهدد حياتنا ، لكن كان واضحا انه ليس معه اى شىء ملفت للنظر ولا يلف حول وسطه اى متفجرات.. مجرد انسان مخبول او مريض بانفصام الشخصية مثلما اخبرني طبيب كان بجانبي على الطائرة ، فتلك التصرفات المتناقضة لايأتي بها الا شخص يعاني من هذا المرض.
سألت الشاذلي : لماذا لم تخبر طاقم الطائرة قبل الاقلاع بما لاحظته على الرجل في صالة انهاء الاجراءات؟
أجاب : لم يخطر ببالي هذا الأمر .. لكن احد كباتن الطائرة اثناء المرور علينا للتأكد من ربط أحزمة المقاعد لاحظ عليه هذا الاضطراب ، فسأل احد الأشخاص الذين يعرفونه فأخبره محاولا طمأنته : انه درويش او " مدروش " لاتشغل بالك به .. اتركه في حاله. حتى ان الكابتن سأل صاحبه : هل أطلب له طبيبا او أساعده في أى شىء .. فرد : لاتقلق .. اتركه وشأنه.
يتابع الشاذلي : المهم تمت السيطرة الكاملة على الرجل بعد نصف ساعة كنا نشعر من الحركة والخناق والتشاجر فوق السحاب ان الطائرة غير متزنة أو كأننا نتعرض لمطبات هوائية .. وسمعنا كابتن الطائرة يخبرنا بأنه مضطر لعدم استكمال الرحلة والعودة الى المطار بسلطنة عمان ، وتنفسنا كلنا الصعداء وهدأت الأمور الى حد كبير بعد ان نطقنا كلنا الشهادة مع بداية الاضطراب والخبل.
وتم تسليم الرجل للسلطات في عمان واستأنفت الطائرة رحلتها من جديد ووصلنا القاهرة لنجد رجال الأمن وممثلين من وزارة الثقافة ، وتم أخذ اقوالنا جميعا ، حتى سمح لنا بالمغادرة.
وحين دخلت بيتي ورأيت أولادي .. حمدت الله كثيرا ان رجعت سالما من أغرب رحلة قمت بها في حياتي.