تشير ملفات المخابرات العامة المصرية أنه في الفترة من عام 1968 ، نجحت المخابرات الإسرائيلية – الموساد – في أن تجند مصور صحفي دائم السفر إلى الخارج لمراسلة عدد من الصحف والمجلات الأجنبية لإمدادها بالأخبار والمعلومات الصحفية عن منطقة الشرق الأوسط وخاصة مصر .
وترجع ظروف وقوعه في شباك المخابرات الإسرائيلية إلى بدايات عام 1968 خلال تواجده في روما عاصمة إيطاليا ، حيث تمكنت فتاه تعمل مع المخابرات الإسرائيلية في التعرف عليه خلال تواجده بأحد الملاهي الليلية ، واصطحبته إلى مسكنها في أحد ضواحي روما ، وقضي معها ثلاث أيام تمكنت هي خلالها من الحصول علي تفاصيل معلومات عن حياته في مصر .
وكان همها أنه كان يواجه اضطهادا من رئيسه في إحدى الصحف المصرية آنذاك ، مما دفعه للعمل كمراسل صحفي متجول .
وفي أحد الأيام قامت بتقديمه إلى صديق لها يدعي ( دري مان ) - هكذا أطلقت عليه – خلال إرتيادهما أحد المقاهي في روما ، وكانت هذه المقابلة التي كانت تبدو مصادفة ، ولكن اتضح بعدها أنها كانت مرتبة من قبل بمعرفة الموساد .
وقدمت له صديقها دري مان علي أنه صحفي كبير في أحد المجلات الايطالية المهتمة بالنشاط السياسي ومناطق التوتر وخاصه أسرائيل وجيرانها العرب وخاصة مصر ، وهي المنطقه المرشحة لحروب دائمة ومستمرة .
وهكذا تم تسليم الصحفي المصري المتجول إلى شخصية أخري تعمل في الحقل الصحفي كما قيل له وقتها .
استمرت علاقة منير عبد الغني بهذا الصحفي الإيطالي والذي تقابل معة عدة مرات ، عرف منه أنه في إمكانه كصحفي التعرف علي الأنشطة الإقتصادية والسياسية في مصر وخاصة منطقة قناة السويس ، والتي كانت تعاني في تلك الفترة من كساد إقتصادي بسبب معارك حرب الإستنزاف المستمرة ، وتهجير السكان الي مدن الدلتا وتوقف جميع الأنشطة الإقتصادية بها .
وفي أحد اللقاءات فاتحه الصحفي الإيطالي– دري مان – بأن له صديق يعمل في منظمة عالمية لمتابعة أثار الحروب التي تنعكس علي المدنيين وأنه يمكن أن يقوم بإجراء التعارف بينهم ، وأن في ذلك ميزه في العمل والتعاون بينهم وبمقابل ثابت شهرياً ، وعلي الفور رحب منير وتم الإتفاق علي موعد ومكان اللقاء القادم.
وكان اللقاء في مقهي جروسو بميدان أسبانيا وهي من أكبر مقاهي روما ، حيث تم التعاف بينهما بواسطة الصحفي الإيطالي دري مان – والذي انسحب من اللقاء علي الفور بعد التعارف .دار حديث طويل بين منير وبين الشخصية الجديدة التي تعرف عليها في المقهي ، وتطرق الحديث عن المشاكل التي تواجهها مصر في هذه الفترة بعد هزيمة يونيو 67 وخاصه آثار تلك الهزيمة في كل المجالات وكيف كانت تلك الآثار ثقيلة ومدمرة بل ومحطمة لكل نفوس المصريين .
وفي نهاية اللقاء كانت هذه الشخصية الجديدة التي حسبما أدعت تعمل في منظمة عالمية لمتابعة آثار الحروب في الشرق الأوسط وخاصة بين مصر وإسرائيل ، قد كشف عن وجهة الحقيقي في أنه أحد ضباط جهاز الموساد الإسرائيلي وأنه يدعي إسحاق رامينا وأنه سيدفع لمنير مرتب شهري قدرة 300 دولار ، وسيمنحة مكافأه مميزة علي الأعمال الجيدة التي سيقدمها .
وهكذا وافق منير عبد الغني والذي كانت شخصيته تنطوي علي الخسة والغدر والخيانة لبلاده ، حسبما اتضح من المعلومات التي تم الحصول عليها في نطاق أسرته وفي نطاق عمله ، قبل أن يتحول إلى مراسل متجول ، لذلك وافق منير علي عرض ضابط المخابرات الإسرائيلي لإسحاق رامينا . وطبقا لملف العملية ، فقد تم تدريب منير علي وسيلة الإتصال السرية بينهما وكانت في الواقع وسيلة مناسبة طبقا لمجال عمل منير ، فلكونه صحفيا متجولا فقد تم أختيار وسيلة لا تحتوي علي وسيلة تراسل سري من الوسائل المطروقة في العمل السري في هذه الفتره بل وسيلة مناسبة له فقد ٌكلف بأن يلتقط الصور التي يٌطلب منه تصويرها ثم يضع الافلام المصورة دون تحميض في مظروف معتم مخصوص سلمته أياة المخابرات الأسرائيلية – الموساد – بحيث يحضر الي روما ويسلم المظروف المعتم وبه الافلام المصورة ويستلم مكانة مظروفا جديدا .
والواقع أن تلك الوسيلة الجديدة في التراسل تضمن أمن منير ففي حالة فتح المظروف وتعرضة للضوء فأن الافلام داخلة تفسد علي الفور ، ومن ثم فهي تحمل في طياتها تأمين للجاسوس والذي لو تم القبض علية وتم فتح المظروف في أي ضوء فأن تلك الافلام ستفسد وتضيع أدلة أدانتة كجاسوس ، وهكذا يستطيع أن يعاود العمل الكره تلو الكره دون أن يتم القبض علية .
ونتيجه للمتابعة الدقيقة من المخابرات المصرية لمنير طوال فترة وجوده في مصر وخلال تنقلاته الدائمة والمستمرة وخاصه لمدن قناة السويس رصد تصويرة لتنقلات القوات المسلحة وكذا قيامة بتصوير شركات المقاولات المدنية التي تقوم بأعمال تعلية الساتر الترابي للضفة الغربية لقناة السويس ، وكذا تصوير بعض نقاط المراقبة الدائمة والمستمرة خاصه التي كانت تقع فوق الاشجار العالية أو التباب المرتفعه غرب القناة
وقد تم تقييم ودراسة نشاط منير بواسطة المخابرات المصرية ، وتقارير الرصد للمتابعة السرية لتحركاته في روما ، فقد تم رصد مقابلات منير مع شخص واحد كل مرة طوال رحلات سفرة ، وتم تصويرة في لقاءاته والتي أوضحت أنه في كل مرة يقوم بتسليم مظروفا بشكل معين الي هذا الشخص ويتسلم من ذات الشخص مظروفا أخرا بنفس الشكل
ومن ثم توافر للمخابرات العامة المصرية ومن خلال تقارير المتابعة يقين بأهمية الحصول علي هذا المظروف كدليل أدانة ، وهو ما تم بالفعل عندما صدر قرار ضبطة متلبسا بحيازة صور لمعدات وأسلحه وأنشطة أخري تجرب غرب قناة السويس استعدادا لحرب قريبة مع إسرائيل لتحرير سيناء المحتله أنذاك .
وهكذا قدم منير عبد الغني عيسي دليل ادانته بالتجسس واستحق الإعدام شنقا جزاء خيانته لمصر وتخابره مع الموساد الإسرائيلي في أحرج فترة في حياة مصر .
والقي القبض عليه في مطار القاهره الدولي وهو يستعد للصعود للطائرة المتجهه الي روما ، حيث قام رجال المخابرات وفي حضور نيابه أمن الدولة بالقبض عليه على سلم الطائرة ظهر يوم 28 نوفمبر 1968
وكان المظروف المعتم أول شئ تم التحفظ عليه.
وقد صدر الحكم باعدامه 1969 .