أحسن أيام حياتى قضيتها فى خدمة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى كان رجلا طيبًا يحب الخير للجميع، لم يتعال أو يتكبر على أحد إطلاقا، فهو رجل صعيدى ريفى بمعنى الكلمة، لم يفرق بين أحد فى التعامل ولم يهاب أحدا مهما كان، ورغم ما تم تداوله عن حياة «ناصر» فى وسائل الإعلام والسينما ، إلا أنه لم يوف حقه حتى اليوم.
البداية عندما تطوعت فى الجيش المصرى لكى أخدم بلادى، وتعلمت داخل القوات المسلحة قيادة السيارات لدرجة أننى أصبحت سائقا ماهرا للغاية، بعدما تلقيت تدريباتى بحرفية عالية، فأكرمنى الله بأن أصبح السائق الخاص لرؤساء الجمهورية والشخصيات المهمة.
الكلام على لسان الحاج زيدان السائق الخاص للزعيم الراحل جمال عبد الناصر ونائبه -آنذاك- محمد أنور السادات، في حوار أجرته معه جريدة «الفجر» قابلته حيث فتحت خزائن أسراره معهما، لمعرفة ما كانا يفعلان فى خلواتهما ولحظات حياتهما الطبيعية بعيدًا عن المعترك السياسى.
يقول الحاج زيدان عبداللطيف زيدان أو كما يحب أن ينادى بـ«سائق الرؤساء»:
 انضممت إلى الجيش عام 1949، وتم تصنيفى ضمن كتيبة المشاة، وهناك خضعت لاختبارات القيادة مع 50 مجندا آخر، تمت تصفيتهم إلى 30 ثم إلى 10.. هم أمهر المجندين المصريين فى قيادة السيارات آنذاك، وبعد ذلك تم تصفيتنا إلى 5 مجندين، تم توزيعنا للخدمة فى الأماكن السيادية ذات الحيثية، وأكرمنى الله بأن تم اختيارى لكى أنضم إلى سائقى القصر الجمهورى، وعندما علمت بالأمر ملأت الفرحة قلبى وكأننى ولدت من جديد، حياة أخرى ومعاملة مختلفة ووضع أفضل، وتم إجراء اختبارات قيادة لسائقى القصر، وكان عددنا 5 سائقين، وكانت المفاجأة الكبرى عندما تم اختيارى «سائق خاص» للرئيس جمال عبدالناصر، فهذا كان حلم العمر كله الذى تمنيته وتحقق.
«زيدان حضر العربية الرئيس نازل»، كان هذا هو أول أمر لى من الحرس الخاص للرئيس عبدالناصر، وفور دخول «ناصر» إلى السيارة وحتى إشعال أول سيجارة له لم أصدق حقيقة ما أنا فيه، فأنا سائق رئيس الجمهورية، بعدها بلحظات بدأ أول حوار بينى وبين أعظم شخصية فى تاريخ الوطن العربى، عندما سألنى اسمك إيه؟، فأجبته زيدان يا سيادة الرئيس، فسألنى ثانية أنت منين؟، فأخبرته بأننى من محافظة المنيا - مركز أبو قرقاص، فداعبنى متسائلا: وعلى كده أنت سواق شاطر زى ما قالوا عليك؟، وبابتسامة بسيطة أجبته «اللى تشوفه حضرتك يا ريس»، فقال وقد كست الراحة وجهه «يا زيدان الصعيد بلد الرجالة».
اضاف : الرئيس جمال لم يعتمد على التقارير التى كانت تأتى إليه يوميا على مكتبه، خاصة تلك الخاصة بأسعار السلع فى الأسواق، كان دائمًا يهتم بأسعار السوق على أرض الواقع، فذات يوم تم إخبارى من الحرس الشخصى للرئيس بتجهيز سيارة ملاكى، كان ذلك عقب صلاة الظهر، وبالفعل صعد الرئيس للسيارة وهو يرتدى جلبابا وشالا وأمرنى بالرحيل من القصر، والغريب أننى لم أجد سيارات تأمين خلفى أو أمامى، علمت بعد ذلك أن هذا كان بناءً على طلب من الرئيس شخصيا، وطلب منى أن أذهب به إلى سوق الخضروات، وأمرنى بأن أوقف السيارة بعيدًا عن السوق، وبدأ الرئيس يضع شالا أبيض على رأسه، وقرر النزول من السيارة ليتفقد السوق بنفسه ويشترى كمواطن بسيط،. وتابع : حضرت فترة مع الرئيس محمد أنور السادات وهو نائب له وكنت سائقا شخصيا له، والرئيس السادات أيضًا، كان ينزل يقف أمام منزله مع المواطنين فى الشارع دون أى غرور أو تكبر وكان دائما يحب الخير للبلد والناس. 
الحاج زيدان أكد أن الحياة داخل القصر الرئاسى كانت فى غاية الروعة، والسؤال الذى اعتاد كل من «عبد الناصر» و«السادات» طرحه على هو «مش محتاج أى حاجة ياراجل ياطيب ؟»، 
والحاج زيدان كان متواجدا أثناء تأميم قناة السويس ويقول :  رأيت عبدالناصر فى فرحة لم يفرحها من قبل أو من بعد، رغم القلق والاضطراب الذي سببه هذا القرار المصيري والذي أدى الى العدوان الثلاثي في 56، لكن هكذا هو عبد الناصر ، عندما يصمم على شىء ينفذه مهما كانت عواقبه.
وعندما انتهت خدمتى مع الرئيس عبدالناصر سلم على وقال لى ربنا يوفقك، وفى عام 1977 سافرت مع السيدة جيهان السادات إلى فرنسا لقيادة السيارة لها هناك، وكانت تتخلل تلك الأعوام إجازات شهرية، واستلمت سيارة خاصة مجهزة بأحدث الإمكانيات من السفارة المصرية فى فرنسا، وهناك تعرفت جيدًا على الطرق والكبارى وأماكن التسوق والمطاعم والكافيهات المشهورة فى باريس، السيدة جيهان كانت بطبعها هادئة وتعشق الأماكن الراقية، ولكن لم يكن لها مطعم معين أو كافيه بعينه تعتاد الجلوس به دائما، فهى كانت تحب التنوع.