السوق المصرية تتميز بشراهة بيع وشراء غير موجودة فى أى مكان بالعالم.. وأى استثمار بها لن يفشل
مصر ستتعافى بشكل كامل نهاية العام الجارى وستقود اقتصاد المنطقة خلال الفترة القليلة المقبلة
قال نائب رئيس هيئة التعاون اليابانية «جايكا» فى القاهرة، أيوا ساكى، إن السوق المصرية تضمن النجاح لأى مستثمر محلى، أو أجنبى، متوقعًا أن تسجل الأسواق المصرية، معدلات نمو مرتفعة مع بداية 2019.
ورأى، فى حواره مع «الدستور»، أن الحكومة نجحت فى قيادة الاقتصاد لبر الأمان، الأمر الذى يسهم فى تعافى الأسواق بشكل كامل، بنهاية العام الجارى.
وكشف أيوا ساكى عن أن «جايكا» قدمت لمصر أكثر من 884 مليار ين يابانى، فى شكل قروض، ومساعدات طويلة الأجل، وميسرة، فى حين لم تتعثر القاهرة فى سداد التزاماتها، حتى فى أصعب أوقات الأزمات.
■ بداية.. كيف ترى مؤسسة «جايكا» السوق المصرية؟
- السوق المصرية إحدى أبرز الأسواق الصاعدة، وتتميز بأنها سوق استهلاكية من الدرجة الأولى، ولن يفشل أى استثمار بها، مهما كان نوعه، وتتميز تلك السوق، عن الأسواق العالمية، بشراهة بيع وشراء غير موجودة بأى مكان فى العالم، وبالتالى فإن مصر تكتب النجاح لأى مستثمر، أو شركة محلية، أو عالمية، تفكر فى النفاذ إليها.
وتسعى الحكومة المصرية، لتنظيم الأسواق بمجموعة من التشريعات الاقتصادية، التى تحسن أداءها، وتقضى على الممارسات الخاطئة بها، وفى النهاية لا يهم المستثمر، سوى سوق استهلاكية قوية، يجدد من خلالها نشاطه، من وقت لآخر.
ونحن كمؤسسة تمويل دولية، نسعى للحضور فى أسواق بهذه النوعية، ونتوقع أن تقود السوق المصرية اقتصاد المنطقة، خلال الفترة المقبلة، خاصة فى ظل سلسلة المشروعات، التى تعرضها من وقت لآخر.
■ ماذا ينقص الاقتصاد المصرى لوضعه على الخريطة العالمية؟
- الاقتصاد المصرى قوى، وأحد الاقتصادات المرشحة لأن تكون أكثر نموًا الفترة المقبلة، ودليل ذلك، المسح الذى أجريناه للقطاعات الاقتصادية، والذى كشف عن أن الأسواق المصرية، ستتعافى بشكل كامل، بنهاية العام الجارى، لتسجل معدلات نمو حقيقية مع بداية 2019.
وكشف هذا المسح عن تحقيق بعض القطاعات، نموًا خلال الفترة الأخيرة، يفوق 40%، مثل القطاع العقارى، والمشروعات الصغيرة، والمتناهية الصغر، وأظهرت بياناته نموًا يُقدر بـ20%، وهو ما يؤكد قابلية الاقتصاد المصرى للاستثمار والتنمية، رغم مروره بمرحلة بناء جديدة، نتيجة الإصلاحات الأخيرة التى تجريها الحكومة.
وتحرص مؤسستنا على الوجود فى السوق المصرية، بدعم وتمويلات جديدة، وفتح سوق جديدة للمستثمر اليابانى فى مصر، ولا ينقص تلك السوق، سوى ضخ مجموعة من الحوافز، فى شكل إغراءات مادية للمستثمرين، وتقليص الضرائب، والاعتماد على النظام الإلكترونى فى تسجيل الشركات، واختصار الزمن اللازم لذلك، وبدء الترويج للفرص الاستثمارية فى الخارج، والاعتماد بشكل أكبر على نظام الشراكة، بين القطاع الحكومى والخاص.
وتحتاج السوق لتحول الدولة بشكل تدريجى، إلى دور المنظم، والمدير للأسواق، وليس دور المستثمر، مثلما هو الوضع فى اليابان، التى تتبع النظام الرأسمالى، الذى يقلص وجود الدولة كمستثمر، ويحولها لمدير منظم للسوق.
■ كيف ترى إصلاحات الحكومة الاقتصادية؟
- الحكومة المصرية، اتخذت سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الشجاعة، ورفعت المعاناة التى أرهقت الاقتصاد لفترات طويلة، وتوقفت عن إعطاء «المسكنات» للأسواق، بفرض حزمة من الإصلاحات التى تأخرت لفترات طويلة، وكانت سببًا فى إخفاقات اقتصادية، أخرت مصر لفترات طويلة.
تحلت الحكومة بالشجاعة، فى التعامل مع ملف الدعم، بشكل واضح، إضافة إلى تدشينها قانون الاستثمار، الذى يعد نقلة نوعية، أعادت صياغة طريقة التعامل مع الاقتصاد المصرى، عالميًا، وحسنت من أوضاعه.
وسعت الحكومة لتقليص الاستدانة، عبر التحول للإنتاج تدريجيًا، ما انعكس على طريقة إدارة المؤسسات المصرية، لملفات الاقتصاد والتنمية، وحققت عدة اكتشافات بترولية.
وأعدت الحكومة هيكلة الشركات الحكومية، وبدأت بالترويج للإصلاحات التشريعية والمشروعات القومية عالميًا، وتنفيذ شراكات مصرية، والاعتماد على الأنظمة الإلكترونية فى إدارة الشئون الاقتصادية، وغير الاقتصادية، وهذا مؤشر على تطور عقلية الإدارة المصرية، فى إدارة الملفات الاصلاحية للسوق.
■ كيف قيّمت «جايكا» أداء الاقتصاد المصرى قبل تقديم الدعم المادى؟
- مؤسسات التمويل الدولية، بمثابة صناديق استثمارية كبرى، يهمها الربح فى المقام الأول، إضافة إلى دعم التنمية فى دول العالم، وقبل أن نضخ أموالًا لتنمية البلدان، لا بد أن نتأكد من أن هذه البلدان، تستطيع رد هذه الأموال، بمعنى أن تسير فى خطوات إصلاحية، أو تنموية، أو تتبع نظامًا بيئيًا يخدم التوجه العالمى.
وقبل ضخ أى استثمارات أو دعم أو تمويل، يجرى التأكد من عدة اعتبارات، منها: الناتج القومى، وإجمالى الدخل، والتصنيع المحلى، والاهتمام بالمشروعات التنموية القومية، والمشروعات الصغيرة، ورؤية الحكومات الخمسية، والخطط الاستراتيجية المستقبلية للتنمية، وحتى نسب الدعم، والقدرة الشرائية، والأداء المصرفى، وتقارير الشفافية والتصنيف الإئتمانى لمصر، وشراكة الحكومة بالقطاع الخاص، والموازنة، والدين العام، والدين الداخلى والخارجى.
ويجرى رصد كل هذه المؤشرات، وفقًا لما تصدره الحكومات من تقارير من جهات إحصائية، أو البنك المركزى، إضافة إلى أن مركز معلومات المؤسسة الدولية، يرصد هذه المؤشرات، ويعتمد على جهات الرصد الدولية الأخرى، كقرض صندوق النقد الدولى فى مصر، الذى يُعد شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى، وأعطتنا كل هذه المؤشرات الضوء الأخضر، لنقدم الدعم لمصر.
■ ماذا عن حجم التمويلات المقدمة لمصر؟
- «جايكا» تعمل مع مصر منذ عام 1954، تحت مسميات مختلفة، واستطاعت خلال تلك الفترة، تقديم الدعم لتحقيق التنمية المستدامة فى مصر، من خلال التعاون فى نطاق واسع من القطاعات التنموية.
ويصل إجمالى تمويلات «جايكا»، لمصر، من قروض تمت الموافقة عليها، ومساعدات ومشروعات تنموية وبرامج، إلى 884 مليار ين يابانى، كقروض ومساعدات طويلة الأجل وميسرة.
واعتمدت «الجايكا» برامج عديدة للتعاون مع مصر، أبرزها برامج المساعدات الإنمائية، والتعاون الفنى، وبرنامج المتطوعين، وبرنامج النمو الشامل، والمستدام، إضافة إلى برنامج معنى بصغار المزارعين، وبرنامج للحد من الفقر، ورفع مستوى المعيشة، وآخر للتعليم، والتنمية البشرية، وغيره لدعم القطاع العام المصرى، والرعاية الصحية.
■ هل تأخرت الحكومة المصرية فى سداد ما عليها من مستحقات؟
- لا، الحكومة ملتزمة ببرامج سداد ثابتة، وواضحة، ولم تتعثر، حتى فى ظل التوترات السياسية التى عانت منها، فى أعقاب ثورة 25 يناير، فى سداد ما عليها من التزامات، وهذا ما يجعلنا حريصين على العمل داخلها.
■ ما تفاصيل مشروع «التعاون الفنى» مع مصر؟
- هو أحد البرامج التى تنفذها «جايكا»، لتنمية المهارات، والمعارف التكنولوجية للدول التى ترغب فى تعميق التعاون معها، بما يؤهل هذه الدول، لتكون قادرة على التعاون مع التطور اليابانى، وتقدم «جايكا» فى هذا القطاع، تمويلا يقدر بـ76 مليار ين، لتدريب نحو 11 ألف متدرب، يصل نصيب مصر منها، نحو 3 آلاف متدرب، مابين شخص اعتبارى، وشركة كبيرة.
■ وماذا عن «برامج المتطوعين»؟
- هى برامج هدفها المشاركة فى التنمية الاجتماعية، والاقتصادية البيئية، من خلال التفاعل المباشر مع المجتمعات المحلية، واحترام عاداتها وتقاليدها، ويصل عدد العاملين بها نحو 273 متطوعًا.
■ كيف تشاركون فى تنمية مشروعات الطاقة الكهربائية بمصر؟
- إحصائياتنا تؤكد أن مصر تحتاج لطاقة إضافية تُقدر بـ8% سنويًا، كزيادة فى معدلات الطلب على الطاقة، وهو ما دفع «جايكا»، للتواصل مع الشركات اليابانية، الراغبة فى الاستثمار فى البلاد، إلى الدخول للاستثمار فى الطاقة الكهربائية، وجرى بناء عدد من المحطات العملاقة لتوليد الطاقة الكهربائية، بالتعاون بين «جايكا»، والشركات اليابانية، والمصرية، والحكومة أيضًا.
وتمكنت «جايكا» بالاعتماد على مشروع القروض الإنمائية الرسمية، الذى تم إقراره منذ 2011، من تمويل عددٍ من المحطات الكهربائية، فى «الكريمات»، وأخرى بـ«الزعفرانة» بالاعتماد على تحويل طاقة الرياح النظيفة إلى طاقة كهربائية.
وتوسعت المؤسسة، فى تنفيذ محطات، ومصانع إنتاج ألواح الطاقة الشمسية، وذلك لمساعدة الحكومة فى توفير دعم متكامل لقطاع الكهرباء، يشمل تطوير البنية التحتية، وتحقيق كفاءة استخدام الطاقة، وتنمية الموارد البشرية فى مجالات نقل وتوزيع الكهرباء، ونحاول بالتعاون مع الحكومة، إعادة تأهيل عدد من محطات توليد الطاقة المتجددة، التى تعمل بالغاز الطبيعى.
■ وماذا عن إسهامات المؤسسة فى مشروعات الطرق؟
- مصر تعانى من خسائر سنوية تتخطى 8 مليارات دولار بسب الاختناقات المرورية، ووضعت «الجايكا» خطة شاملة لتطوير منظومة النقل والمواصلات فى منطقة القاهرة الكبرى، وتقدمت لتنفيذ مشروعات الخط الرابع لمترو الأنفاق، وتؤدى المرحلة الأولى من تنفيذ الخط، إلى تقليل زمن الانتقال من منطقة وسط القاهرة، إلى الأهرامات، فى أقل من نصف ساعة، وهو ما يسهم فى إنجاز الأعمال.
وساهمت اليابان فى بناء عدد من الجسور، التى انتهت إنشاءاتها بالفعل، والبعض لم ينته، وأبرزها: الجسر المعلق بقناة السويس، كما تواصل تقديم الدعم الاستثمارى بمنطقة القناة، وتحاول المؤسسة، نقل مشروعات مترو الأنفاق، إلى مناطق أخرى داخل القاهرة الكبرى، لتقليل الضغط المرورى.
■ كيف استفادت مصر من «جايكا» فى القطاعين السياحى والثقافى؟
- تقدم المؤسسة لمصر دعمًا فى مشروع إنشاء المتحف المصرى الكبير، والمُصنف على أنه أحد أكبر المتاحف حول العالم، إضافة إلى الدعم الفنى فيما يخص إدارة المتاحف، وترميم ونقل القطع الأثرية، والتنقيب عنها، ولدينا بعثات منتشرة فى ربوع مصر، بالتنسيق مع الحكومة المصرية، وتحت إشرافها، إضافة إلى الاهتمام بمشروع الأوبرا، وإعادة تجديدها.
■ هل لديكم مشروعات لخفض نسبة الفقر ورفع مستوى المعيشة؟
- الحد من الفقر، ورفع مستوى المعيشة، هدف رئيسى للمؤسسة، ولدينا العديد من المشروعات، والبرامج التنموية، لمحاصرة الفقر، أبرزها، ما يخص دعم الزراعة والأسر المنتجة.
وتدعم «جايكا»، تطوير مرافق الرى فى مصر، وبرامج ترشيد استهلاك المياه، لرفع كفاءة موارد الرى، كما تؤمن المؤسسة بأن دعم صغار المزارعين، والسيدات، والفئات الأخرى المهمشة، اجتماعيًا، وخاصة بالمناطق الريفية، سيؤدى إلى الحد من الفقر، والوصول بالمجتمع المصرى إلى درجة الاستقرار.
ونوفر دورات تدريبية خاصة بالمزارعين، والسيدات الريفيات، من أجل التحول إلى نمط الزراعة من أجل البيع والتنمية، والمساعدة فى الارتقاء بمستوى المعيشة، ولدينا حقول استرشادية بأسيوط، وكذلك مشروعات ثروة داجنة فى صعيد مصر.
■ وماذا عن الصحة والتعليم؟
- نعمل حاليًا، على دعم منظومة التأمين الصحى، وخلق نظام، وبيئة عمل متطورة، لقانون التأمين الصحى، ويأتى هذا بالتزامن مع ما أعلنته مصر، من تنفيذ منظومة جديدة للتأمين الصحى، الذى سيسهم فى تنظيم المستشفيات وتطويرها، وتقدمت المؤسسة بدراسة لتطوير مرافق الإسعاف، وتحسين الأجهزة والمعدات.
وتقدم المؤسسة فى مجال التعليم، مشروع المدارس اليابانية، الذى سيغير خريطة التعليم، ويعيد النظر فى شكله وتكاليفه بالبلاد، وتسعى اليابان، لنشر برنامجها «التوكاتسو»، وهو نظام يعتمد على التعليم من أجل اللعب، فاليابان تستقدم بعثات سنوية تعليمية تصل إلى ألفين و500 مصرى، على الأقل، لاستكمال تعليمهم فى الجامعات اليابانية، كما تدعم إنشاء جامعات جديدة فى مصر.
■ هل من الممكن تقديم إحصائية لأبرز مشروعات المؤسسة بمصر؟
- أبرزها المشروعات توسعة المجرى الملاحى لقناة السويس، وبناء الجسر المعلق عبر القناة، وأعمال صيانة القناة، وإنشاء مستشفى جامعة القاهرة لطب الأطفال، وبناء المركز الثقافى القومى «دار الأوبرا»، والمرحلة الأولى من الخط الرابع لمترو الأنفاق بالقاهرة الكبرى، وتطوير المنطقة المحيطة بوادى الملوك.
وكذلك تطوير نظام الجودة الإحصائية بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وتطوير محطة الزعفرانة لتوليد الطاقة الكهربائية، ومحطة الغردقة للطاقة، وإنشاء قناة ديروط، وتوسعة مطار برج العرب، والجامعة المصرية اليابانية، والمتحف المصرى الكبير، والتدريب والصحة.