تمام الساعة الثامنة صباحًا، نزل المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، من منزله بمنطقة التجمع الأول، في طريقه إلى المحكمة الإدارية العليا، لنظر الحكم في الطعن الذي تقدم به ضد عزله من وظيفته، العام الماضي، وفي غضون دقائق فوجئت أسرته باتصال «جنينة» ليخبرهم بتعرضه لمحاولة اختطاف والاعتداء عليه، وفقًا لابنته نهى.

هرعت زوجة جنينة ونجلتاه «نهى»، و«شروق» إلى مكان رب الأسرة، فحسب «نهى» فإن والدها تحرك بسيارته وحده «لم يكن معه سائق»، وعند سور قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية استوقفته سيارتان ملاكي إحدهما تمكن «جنينة» من رصد أوصافها وهي ماركة «فيرنا»، وتقول الابنة الأولى لـ«المصري اليوم» إن السيارتين حاصرتا والدها، حتى إنه لم يتمكن من الفرار منهما، لأنهما أحكما حصاره ككماشة.

وتروي «نهى» تفاصيل الحادث، قائلة «كنت أصرخ في ضباط قسم شرطة التجمع الأول، الذين احتجزوا والدها نحو 3 ساعات دون تحرير المحضر اللازم بشأن الحادث، بخلاف أنهم أخذوا من أفراد الأسرة هواتفهم المحمولة لمنعهم من تصوير أبيهم الذي كان ينزف دمًا كثيرًا من عينه وقدمه اليسرى المصابة جراء الاعتداء عليه».

خلال الساعات الثلاثة كان رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق محتجزًا داخل القسم «وتهمته أنه مجني عليه»، على حد قول «نهى»، فكان «المحاميان على طه، ومحمد فياض، يتحركان إلى مكتب النائب العام المستشار نبيل صادق، بمنطقة الرحاب، لتقديم بلاغ بشأن الحادث، ولم نستطع نقل والدنا إلى أقرب مستشفى والاستعانة بسيارة إسعاف، لأن ضباط القسم انتظروا التعليمات حتى تأتي لهم، كل ذلك وأبي ينزف دمًا ونحن لم نملك سوى الدعاء والرجاء».

عند وقت الظهر كانت أسرة جنينة أخبرت المحامي على طه: «خلاص هنتحرك للمستشفى الجوي التخصصي القريب منهم بمنطقة التجمع الخامس»، تقول «نهى» إنهم لم يتحركوا، رفضوا وصول سيارة إسعاف إليهم، وفي نهاية الأمر نُقل والدي داخل «بوكس شرطة» مجهزة بكاميرات مراقبة ومقعد خلفي داخله إسعافات أولية، إلى مستشفى القاهرة الجديدة العام «حكومي».

ورصدت «المصري اليوم» تحرك سيارة الشرطة داخلها «جنينة»، وتشاجرت أسرة المجني عليه مع ضباط وأفراد الشرطة لرغبتهم في الحصول على هواتفهم المحمولة: «مشينا وهاتوا التليفونات»، سرعان ما نشبت مشاجرة ثانية بسبب قيام أسرة وأقرباء المجني عليه بتصوير «جنينة» داخل عربة الإسعاف، هنا ظلت السيارة متعطلة بعض الوقت لنشوب مشاجرة ثالثة، لمنع قوات الشرطة أفراد الأسرة من «ركوب» سيارة البوكس التي تنقل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق إلى المستشفى الحكومي «دي عربية شرطة يا فندم لا أحد يركبها سوى الشرطة».

ورضخت أسرة «جنينة» لتلك التعليمات الصارمة، وأخيرًا تحركوا بساراتيهم الملاكي إلى المستشفى العام، بدلًا من المستشفى الجوي التخصصي «الضباط قالوا لنا هيروحوا مستشفى القاهرة الجديدة»، تؤكد «نهى» أنها لم يكن في استطاعتها سوى قبول تعليماتهم: «بابا بينزف ولم يستطع الحركة».

قبل تحرك سيارة الإسعاف الشرطية تلك، صرخت زوجة «جنينة» فيما سمته بالأخبار الكاذبة عندما علمت بتواجدنا كصحفيين: «تقولنا إنها حادثة طريق»، فكانت مصادر أمنية قالت إن المجني عليه تشاجر مع سائقين واعتدوا عليه.

سمعت «نهى» بتفاصيل الحادث من والدها، فتقول: «إن نحو 4 أشخاص نزلوا من سيارتين ملاكي، وحاولوا إنزال «جنينة» من سيارته بالقوة، لكنهم لم يستطعيوا لأنه كان مربوطًا بحزام الأمان داخل السيارة، فأحدهم ضربه لكمات عدة في عينيه حتى نزفت دمًا غزيرًا، ثم اثنان آخران أحدهما كان يمسك بسلاح أبيض»سنجة«ضربه في قدمه من أسفل الركبة».

وقال المجني عليه لابنته «نهى» إن البلطجية الأربعة كانت بحوزتهم أسلحة متنوعة بيضاء وعصى ومطراق «أشياء لا يحملها سوى بلطجى مأجور وعارف هيعمل إيه بالضبط»، على حد قولها.

وتسخر «نهى» من الأخبار المتداولة بشأن الحادث باعتباره «حادث طريق»، فتقول: «النهاردة السبت والطريق يسير بصورة انسيابية».

وفور وصولنا إلى مستشفى القاهرة الجديدة العام، طوقت حولنا عناصر الأمن لمنعنا من الحديث مع أسرة «جنينة» وحالت دون وصولنا إلى غرفة احتجازه عقب إجراء الإسعافات الأولية لها، وقالت عناصر الأمن:«التعليمات جاءت لنا بمنع الصحافة من الحديث مع أحد من أسرته داخل المستشفى أو تصويره».

وحضر إلى المستشفى المستشار أحمد الخطيب، الرئيس بمحكمة الاستئناف، المعزول من وظيفته، وعبدالجليل مصطفى، الناشط السياسي، ولفيف من الشخصيات العامة.

وفي ذات السياق، قررت الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد أبوالعزم، رئيس مجلس الدولة، تأجيل نظر طعن «جنينة»، على حكم القضاء الإداري «أول درجة»، بعدم قبول دعواه التي إقامةا طعنا على قرار إعفائه من منصبه، إلى جلسة 10 مارس المقبل، لاستكمال الدفاع والاطلاع.