بعد 22 يومًا من طرح مصر على إثيوبيا والسودان الاستعانة بالبنك الدولي وسيطًا محايدًا في مفاوضات “سد النهضة” العالقة منذ نوفمبر الماضي، رد رئيس الوزراء الإثيوبي برفض المقترح، وصرح لوكالة الأنباء الإثيوبية أمس الأحد، برفض بلاده تدخّل طرف ثالث في مفاوضات سد النهضة، مُشيرًا إلى أن هناك فرصة أمام الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان) لحل الخلافات المُحتملة بشأن السد، بمفردها، بعد نحو 24 ساعة من مُباحثاته مع الرئيس عبدالفتاح السيسي في القاهرة.
وتابع المسؤول الإثيوبي: “السعي للحصول وراء دعم مِهني شيء، وتحويل الأمر إلى مؤسسة أخرى شيء ثانٍ، لذلك أخبرناهم أن هذا الأمر غير مقبول بالنسبة لنا”. وبرّر رفض إثيوبيا تدخل البنك الدولي في مفاوضات سد النهضة: “من الممكن الوصول لاتفاق بين الدول المعنيّة حال ساد المفاوضات التعاون وروح الثقة”.
وأشار ديسالين، في بيان صحفي لوكالة الأنباء الإثيوبية “اينا”، إلى أن البحث عن الدعم المخصص للوقوف على آثار السد شيء، ونقل اتخاذ القرار إلى جهة أخرى شيء آخر. طرح المبادرة: وطُرحت المبادرة أول مرة خلال زيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في 26 ديسمبر، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد أن التقى نظيره الإثيوبي وركنا جيبيو، مقترحًا مشاركة البنك الدولي في أعمال اللجنة الثلاثية، التي بحثت تأثير إنشاء سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصبّ، مصر والسودان.
وترى السفيرة منى عمر، نائب وزير الخارجية السابق، أن مصر وصلت إلى ما طلبته فيما يخص عودة المباحثات الفنية للدول الثلاث، وهو ما أكد عليه ديسالين في زيارته الأخيرة، لافتة إلى أن مسار التفاوض في القضية مازال طويلًا. وأضافت عمر في تصريحات صحفية: كنا نتوقع ذلك الرفض، لأن أديس بابا لا تريد تدخل البنك الدولي في المفاوضات لما له من تأثير سلبي على دولتي المصب، موضحة أن رئيس الوزراء الإثيوبي، أكد أكثر من مرة على ضرورة الحفاظ على روح التعاون في إشارة لإصرار إثيوبيا على السير في طريق التقاوض المباشر بين الدول الثلاث. وأشارت نائب وزير الخارجية، إلى أن كل طرف يتفاوض بما يحقق المصالح لبلاده، واجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي والبشير وديسالين قد ينتج عنه استراتيجية جديدة تخفف من حدة التوتر.
من جانبها قالت الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن خيارات مصر متعددة، منها تقديم شكوى بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، أو اللجوء للتحكيم الدولي.
وأوضحت الطويل، في تصريحات صحفية، أن الرفض ليس بالأمر المفاجئ لنا، فهم رفضوا المقترح في القاهرة بدبلومسية شديدة، مشيرة إلى أن الجانب الإثيوبي يفتقد للخبرات الفنية خصوصًا في مجال التقنيات، ولذلك يخشى أي إشراف خارجي.
وفي ذات السياق قال الدكتور هاني رسلان، رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية ورئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، إن تصريحات أديس أبابا تقودنا في طريق المواجهة، وإثيوبيا لا ترغب في الاستمرار الجاد للتوصل لحلول وسطية بين الطرفين. واستنكر رسلان فكرة اللجواء إلى التحكيم الدولي قائلاً: إنه غير ملزم لأي طرف، وبالتالي ليس حلًا حقيقيًا، والقيادة السياسية ما زالت تدرس كل الخيارات، لأن مصر ليست بالدولة التي تقبل بهذه الأمور.
وتابع رسلان، أعتقد أن مصر تبحث عن حلول غير تقليدية، والرئيس سيتحدث عن هذا الأمر في القمة الإفريقية القادمة. وقال الدكتور ضياء القوصي مستشار وزير الري الأسبق، إن إثيوبيا دائمًا ما تراوغ في ذلك الملف، وكان غرض الزيارة إيصال رسالة للعالم بأن أديس أبابا دولة متعاونة مع جيرانها.وأضاف القوصي، في تصريح صحفى، أن القيادة السياسية تعي هذه المهاترات السياسية، ولن تقبل بأي ضرر من هذا السد.
وأشار مستشار وزير الري الأسبق، إلى أن الجانب الإثيوبي يدور حول نفس السياق الطامح لقبول مصر تأثيرات السد، بجانب الحفاظ على قدر كافٍ من العلاقات المصرية الإثيوبية. تدويل الأزمة وحول أن أي قرار أممي لن يكون ملزمًا، قال الخبير الدولي الدكتور حامد عبد العظيم محمود، المتخصص في الشؤون الدولية بجامعة إكسفورد البريطانية، إن الميثاق الدولي ينص على تقديم شكوى لمجلس الأمن تجاه دولة تقيم مشروعًا يهدد دول الجوار، وعلى رأسها تهديد مشروعات الموارد الطبيعية، وحتى إن كان القرار غير ملزم إلا أنه يعطي شرعية لأي قرار تُقدم عليه مصر.
وأضاف عبد العظيم أن على القاهرة دعم أصدقائها وحلفائها في مقاعد الأمم المتحدة؛ لكسب تدويل القضية والحصول على شرعية لم تكن لها نص إلزامي للطرفين. وأوضح الخبير الدولي، أن قانون الأمم المتحدة ومجلس الأمن، يمكن أن يكتسب شرعية وقوة حال وجود دعم دولي قوي لها.