بمجرد أن حلفت الدكتورة رانيا المشاط اليمين الدستورية وزيرةً للسياحة مساء «الأحد» أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى أصبحت أول سيدة تحمل حقيبة السياحة فى مصر، لكنها ليست المرة الأولى التى يكون فيها شاغل كرسى الوزير من خارج القطاع السياحى، حيث سبقتها أسماء بارزة استطاعت أن تدفع قاطرة القطاع - الذى يعانى الآن بشدة - إلى الأمام. أبرز تلك الأسماء: الدكتور فؤاد سلطان الذى كان قادماً من القطاع المصرفى، ثم الوزير الأسبق ممدوح البلتاجى، الذى جاء من الهيئة العامة للاستعلامات.ورغم حالة الارتياح النسبى داخل القطاع بعد قرار تعيين رانيا المشاط فإن هناك العديد من الملفات أمام الوزيرة الجديدة، التى تمثل أهمية قصوى لإنقاذ هذا القطاع الحيوى باعتباره ركيزة أساسية للاقتصاد القومى، ومصدر رزق لملايين الأسر، ومورداً رئيساً للعملة الصعبة، أبرز تلك الملفات على الإطلاق هـو زيادة إيرادات السياحة، بعدها ملف الحج والعمرة، وإعادة هيكلة هيئة تنشيط السياحة، يضاف إلى ذلك ملف قانون السياحة الموحد.

ورغم ارتفاع إيرادات السياحة خلال 2017 بنسبة 123.5% والوصول إلى نحو 7.6 مليار دولار، فإنها لم تصل بعد لمعدلات 2010 (12 مليار دولار)، ويترقب القطاع السياحى بأكمله بصمة الوزيرة الجديدة، التى سبق اسمها وترشيحها لهذا المنصب مؤهلات علمية وخبرات عملية فى مجال الاقتصاد.

«سياحة وطيران» رصدت الأسباب الحقيقية وراء اختيار د. رانيا المشاط لوزارة السياحة خلفاً ليحيى راشد، الذى تولى المنصب لمدة عامين، أثار فيهما الكثير من العواصف والتساؤلات أثناء إدارته هذا القطاع الحيوى.

ربما من أهم الأسباب التى جاءت برانيا المشاط إلى منصبها الجديد - بحسب مراقبين وخبراء - تلبية مطالب المستثمرين والعاملين فى القطاع السياحى، وهؤلاء يرون أنه من الأفضل أن يكون الوزير من خارج القطاع السياحى، خاصة فى ضوء وجود تجارب كثيرة ناجحة لوزراء جاءوا من خارج القطاع، كان أبرزهم فؤاد سلطان وممدوح البلتاجى، وكانوا الأكثر نجاحاً فى تاريخها، بعكس وزراء كثيرين من داخل قطاع السياحة ولم يتمكنوا من تحقيق أى إنجازات.

وتمتلك الوزيرة الجديدة أدوات مهمة يفتقدها المسؤول الأول عن القطاع السياحى، وهى الحاجة إلى فهم اقتصاد الأسواق، وتسويق المنتجات، وتسويق السياحة فى مصر بشكل جيد، وهو ما يراه بعض المراقبين فى رانيا المشاط، التى تمكنت فى فترة قصيرة نسبياً من الوصول إلى مناصب قيادية قد تُمكِّنها وتجعلها قادرة على حل مشاكل القطاع السياحى وشركاته والتسويق الجيد للسياحة فى مصر، مثل منصبها كوكيل لمحافظ البنك المركزى للسياسة النقدية لمدة 11 عاماً منذ 2005، وقبلها عملها اقتصادياً أول فى صندوق النقد الدولى بواشنطن، وكانت ضمن فريق التفاوض على برنامج الإصلاح المالى والاقتصادى بين عامى 2011-2013، إضافة إلى تبادل الخبرات العملية مع المؤسسات الاقتصادية الدولية والبنوك المركزية.

لا ينكر كل من يتابع ملف رانيا المشاط والنجاحات السابقة التى حققتها، سواء داخل مصر أو خارجها، مثل عملها ومشاركتها فى مؤسسات التقييم والتصنيف الائتمانى الدولية، ومناقشات بعثات صندوق النقد الدولى، وكانت ضمن فريق العمل المتابع لاقتصاديات الدول الناشئة فى شرق آسيا - لا ينكر قدرتها على إدارة الملف السياحى فى تلك المرحلة بنجاح، خصوصاً أنها شخصية قيادية حيث تم اختيارها ضمن أقوى 50 سيدة تأثيراً فى 2015.

وبحسب المراقبين فإن اختيار الوزيرة الجديدة نظراً للشهادات العلمية التى حصلت عليها مثل الماجستير والدكتوراه فى الاقتصاد من جامعة ميريلاند الأمريكية، كما حصلت على شهادة السياسات العامة والإبداع القيادى من جامعة هارفارد، وشغلت منصب نائب مدير مشروع بمركز الإصلاح المؤسسى والقطاع غير الرسمى (IRIS) فى جامعة ميريلاند، كما تقوم بالتدريس كأستاذ اقتصاد غير متفرغ فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وفى جامعة ميريلاند كولدج بارك، وهى زميل باحث فى منتدى البحوث الاقتصادية، ومحاضر بالمعهد المصرفى، ونشرت العديد من الأبحاث والدراسات فى دوريات علمية ومؤتمرات عالمية حول سياسات الاقتصاد الكلى، والسياسة النقدية، والسياسة المالية والتنسيق فيما بينهما، بالإضافة إلى الإصلاح المؤسسى والإدارى فى مصر والدول الناشئة.

ومن الأسباب المهمة التى ساعدت القيادة السياسية فى اختيار سيدة جديدة لتنضم إلى قافلة الحكومة أن المرأة أثبتت جدارتها فى حكومة المهندس شريف إسماعيل.