مر أسبوع منذ أن اقترحت مصر على إثيوبيا، الاستعانة بالبنك الدولي كوسيط محايد في مفاوضات "سد النهضة" العالقة منذ نوفمبر الماضي، وهو المقترح الذي طلبت أديس أبابا دراسته. وطُرح الاقتراح خلال زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري في 26 ديسمبر، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث التقى نظيره الإثيوبي وركنا جيبيو، بأن يشارك البنك الدولي في أعمال اللجنة الثلاثية، التي تبحث في تأثير إنشاء سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصب، مصر والسودان. لكن ثمة سؤال يدور في أذهان المواطن المصري والخبراء المعنيين بالملف ماذا سيحدث إذا رفضت إثيوبيا المقترح؟، ويحاول مصراوي من خلال الحديث إلى خبراء ومحللين مطلعين على ملف مفاوضات سد النهضة. ويرى الدكتور ضياء القوصي، المستشار السابق لوزير الري، أن أديس أبابا لم تظهر نية حقيقية لحل النزاع بالتفاوض المباشر منذ بداية الأزمة، وبالتالي على مصر عليها الاستعداد الدائم للسيناريو الأسوأ. وأضاف القوصي في تصريحات لمصراوي، أن مصر مصرة على السير في طريق المفاوضات حتى النهاية وهو الطريق الصحيح -وفق حديثه، لكن شدد على أنه إذا رفضت إثيوبيا المقترح هذه المرة فيجب أن تتوجه مصر التوجه إلى محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة. وأشار إلى أن القيادة السياسية تسير في الطريق الصحيح بالتمسك في المفاوضات، وبالتالي ذلك المسار يعطي لمصر الدعم والشرعية فيما سوف تفعل إذا صعدت القضية لمحكمة العدل والأمم المتحدة. وعلى مدار ست سنوات منذ بدء إنشاء سد النهضة، جرت مفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا وشهدت مماطلات عديدة للجانب الإثيوبي. وظهرت المفاوضات بجدية مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي للسلطة في يونيو 2014 فيما لم تنته تلك المفاوضات حتى الآن. الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، اعتبر المقترح المصري بمشاركة البنك الدولي في المفاوضات بمثابة تمهيد مصري لـ"تدويل" قضية سد النهضة دولياً، بالإضافة إلى أن المقترح خطوة ستكشف النوايا الحقيقة للجانب الإثيوبي. وأضاف رسلان في تصريحات خاصة لمصراوي، أن إثيوبيا استطاعت جذب تعاطف العديد من الدول حول حديثها عن التنمية والمنافع العامة لدولتي مصر والسودان، إلا أن مقترح الاستعانة بالبنك الدولي إذا تمت الموافقة عليه سوف يكشف ما تخبئه "أديس أبابا" على العالم من آثار سلبية وأضرار على مصر. وأشار نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية، إلى أنه إذا رفضت إثيوبيا مشاركة البنك الدولي على القاهرة أن تتقدم بشكوى ضد السودان وإثيوبيا إلى مجلس الأمن. في 13 نوفمبر الماضي، توقفت المفاوضات عند الجولة الـ17 بعدما أعلن وزير الري الدكتور محمد عبدالعاطي، تعثرها أثناء تشاور وفود الدول الثلاث على تقرير المكتب الاستشاري الفرنسي الذي أسند إليه دراسة الآثار البيئية والاقتصادية للسد. وخلالها رفضت السودان وإثيوبيا الموافقة على التقرير الاستهلالي الخاص بدراسات "سد النهضة" وهو ما اعتبرته مصر ممالطة متعمدة من السودان وإثيوبيا. وقال الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، إنه في حال رفض وساطة البنك الدولي يعطي مصر أحقية في التحرك السياسي وغير سياسي لأن البنك الدولي لديه مصداقية عالمية. وأضاف شراقي، أن مصر جهزت خياراتها حال رفضت إثيوبيا ذلك المقترح، وقد تتوجه إلى المنظمات الإفريقية والأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن إثيوبيا لم تلتزم من الأساس بالمعاهدات الموقعة قبل إنشاء السد. ولفت إلى أن حال رفض أديس أبابا لمقترح البنك الدولي ستكون خالفت صراحة وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة" التي وقعت في مارس 2015، خلال القمة الثلاثية بين رؤساء مصر وإثيوبيا والسودان، في الخرطوم بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ديسالين. وأكد شراقي، أن نقطة الخلاف الرئيسية بين مصر وإثيوبيا هي "حصة مصر المائية " المُعلنة، وهي نقطة يستطيع البنك الدولي الوساطة فيها؛ لأن كل طرف يرى أنه إذا تنازل قد يحاسب أمام شعبه، ودخول البنك الدولي كوسيط يجعل الأطراف كلها ملزمة، بل ويضع الطرف المخالف تحت طائلة المساءلة الدولية.