أحيانا قد تدفعك الرغبة في الحفاظ على المنصب للجنون، وارتكاب هفوات وحماقات، وقتها يصبح كل شيء ممكنا، حتى الانسياق وراء ألاعيب الدجالين والمشعوذين الذين لا يجدون مناخا أفضل من ذلك؛ لفرض سيطرتهم على رجال المال والأعمال والفنانين والرياضيين وحتى رجال السياسة وأصحاب المناصب.. وليس انتهاء بالوزراء.
قصة هذا الوزير هي وقائع تبوح بها جلسات النميمة داخل أسوار دوائر سياسية ضيقة، فهو أحد الوزراء في حكومة المهندس شريف إسماعيل، باع عقله لدجال، أقنعه أنه الوحيد القادر على أن يحافظ له على كرسى الوزارة، وأن ينجو به بعيدا عن التعديلات الوزارية التي تحدث كل فترة.
الوزير اعتبر أن من حقه مثل كثيرين من المواطنين أن يسلك هذا الطريق، والمثير أكثر أنه يعتقد أن مجرد الذهاب لهذا العراف وحده كاف لضمان البقاء في منصبه.
مرتان في الأسبوع
ورغم أن بطل هذه القصة تعاني وزارته من أزمات طاحنة ذات أبعاد سياسية، وأنه يثير المشكلات مع آخرين، إلا أنه يرى أنه محصن، ويمكنه أن ينتصر في أي معركة؛ لأنه مؤيد من عراف يتعامل مع جان نافذ.
يذهب الوزير مرتين أحيانا كل أسبوع لمحافظة الأقصر، للقاء هذا العراف ويدعى (م. ع) الذي يقرأ عليه من كتاب تعاويذ حصل عليه من مقبرة فرعونية، ويدعي هذا العراف أنه يمكنه بمساعدة الجن وتعاويذ الكتاب تحقيق الأحلام لأصحاب الأماني، فقد سيطر على هذا الوزير.
الحقيبة الوزارية التي نتحدث عن المسئول عنها تمكن هذا الوزير من السفر إلى الأقصر دون أن يلفت إليه الأنظار، ولكن كثرة الزيارات دون جدول أعمال دفع العاملين في وزارته للتهامس حول سر السفر المتكرر لمحافظة واحدة، وكانت المفاجأة من أن الوزير يتردد على عراف في الأقصر، يقرأ من كتاب تعاويذ على الوزير، وأقنعه أن بإمكانه أن يجعله مستمرا في أي حكومة، فقط يقول له: «حط في بطنك بطيخة صيفى يا معالي الوزير».
مضطهد
ولأن اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين في علم الطب النفسي ما هو إلا محاولة لتبرير الفشل الذي تعاني منه الوزارة، المسئول عنها هذا الوزير، فقد استطاع أن يقنع الجميع بأنه مضطهد من مستثمرين ورجال أعمال، وأنهم يرغبون في الحصول على امتيازات عريضة من الدولة، وأن سبب الهجوم عليه ما هو إلا محاولة منهم للإطاحة به لتنفيذ مخططهم في تحقيق استفادات مادية على حساب الدولة.
مصادرنا في وزارة هذا المسئول أكدت أن التعديل الوزاري الأخير في حكومة المهندس شريف إسماعيل الذي شمل 9 وزراء، كان من بين المرشحين للإطاحة بهم في هذا التعديل هو هذا الوزير، ولكن التعديل أعلن ولم يشمله، مما جعله أكثر إيمانا بهذا العراف، ودائم التردد عليه، لاسيما وأنه بات واثقا كل الثقة في أنه مستمر بسبب تعاويذ هذا الدجال.
مستودع أسرار
"فيتو" علمت أن الوزير لا يصطحب في زيارة الأقصر إلا حارسه الشخصي ومديرة مكتبه، واللذين يعتبرهما مستودع أسراره، والمسئولين عن التغطية على أسباب الزيارات المتكررة للوزير إلى محافظة الأقصر، دون المحافظات الأخرى، حيث يعملان على إعلان أسباب غير حقيقية حتى لا تتجه الأنظار إلى السبب الحقيقي، والهدف من تكرار هذه الزيارات لمقابلة العراف.
الثقة التي حصل عليها الوزير تمكنه من التصرف بثقة مفرطة، وهو ما يظهر في تعامله مع الصحفيين المتابعين لنشاط وزارته، فهو لا يلقي بالا لما يكتب عنه في وسائل الإعلام، متخيلا أن بإمكان العراف أن يجعل هذه الكتابات غير مجدية على الإطلاق، كما دفعت هذه الثقة الوزير لتكوين شبكة عداوات مع عدد من قطاعات الوزارة؛ بسبب إصرار الوزير على تنفيذ قراراته دون الاستماع لآراء الجهات المتضررة من هذه القرارات.