عام 1844م قرر محمد علي باشا والي مصر تعيين محافظ جديد للعريش؛ حيث وصفها بالمصرية الحبيبة، وتقول الوثيقة النادرة إنه “بحسب اقتضى الحال قد لزم الآن لرفع محافظة البندر (يقصد بندر العريش) من عهدة عمر أفندي وتحويلها إلى عهدة حسين أغا بنا، أنه مألوف بالتقوى وحسن الاستقامة، وفوضنا لعهدته محافظة بندر العريش فيقتضي جميعكم تعرفوه محافظًا”.
أسس محمد علي باشا محافظة العريش عام 1810م، كما يقول الدكتور صبري العدل في كتابه “تاريخ سيناء الحديث”، لافتًا إلى أن العريش “بدأت عهدًا جديدًا في عهد محمد علي حين أنشأ محافظة العريش ووضع تحت تصرف المحافظ قوة عسكرية لحماية الحدود الشرقية، وقوة نظامية لحماية الأمن، وإنشاء نقطة للحجر الصحي، أما الطور فقد كانت تابعة إداريًا للسويس”.
وأوضح الباحث التاريخي أحمد حزين الشقيري” أن الوثيقة الأولى التي صدرت بأوامر محمد علي باشا “كانت تتحدث عن اختصاصات المحافظ الجديد حسين أغا، فيما تتحدث وثيقة آخري تتضمن قرارات الوالي مسئولية الشيخ موسى نصير شيخ قبائل الطورة عن أفراد قبيلته أمام الحكومة المصرية بعد هروب شخص ينتمي للقبيلة من السجن”.
وصف محمد علي باشا العريش بـ”المصرية الحبيبة” مؤكدًا أن حسين أغا مفوض بإجراء الأحكام “وتكونوا منقادين ومطيعين لأوامره ونواهيه الموافقة للشريعة المطهرة ومطابقة إرادتنا وإلى أصول مصالحنا”.
ويقول صبري العدل في كتابه “تاريخ سيناء في العصر الحديث” بأن الجزء الشمالي من سيناء “يضم وادي العريش الذي يعد من أضخم الأودية الصحراوية حيث تم تلقيبه بنهر مصر الصحراوي، وعلى روافده تقع أهم بقع سيناء وهي العريش ونخل، كما نجد أهم الآبار والمناطق الإستراتيجية”، لافتًا إلى أن محمد علي باشا “كان يولي اهتمامًا خاصًا بسيناء بسبب موقعها الإستراتيجي المهم”.
وتضمنت الوثيقة الواجبات التي على المحافظ الجديد أن يلتزم بها: “وأنت أيها المحافظ نوصيك بإتيان محافظة البندر حسبما ورؤيتك وإجراء الأحكام السياسية بموافقة الشريعة المحمدية والقوانين المنيعة المرعية، وتستعمل العدل والإنصاف وتجنب الجور وتبذل جهدك في تحصيل أسباب راحة الرعية ومراعاة رب البرية”.
الوثيقة الثانية الصادرة عام 1852م حملت قصة مثيرة وهي قصة موسى نصير أحد عربان مشايخ الطور، كما يقول الباحث أحمد الشقيري، لافتًا إلى أن “محمد علي باشا أرسل قرارًا باستخلاص الواحد وستين ريالًا عجز الحصر من جمعة أبو درويش الطوري المرسول معه الحصر للوكيل بالسويس، وحيث قيل لما كان النفر المذكور بهذا الطرف قد صار سجنه وفر هاربًا”.
وأضاف أن محمد علي باشا قرر أن يستدعي موسي نصير، وقالت الوثيقة: “أفاد بأن النفر المذكور من جماعته، وأما يصير إرسال النفر البدوي ذاته ليجري معه اللازم” حيث استخدم محمد علي باشا الحزم والقوة لقمع المتمردين مع الاستعانة بمشايخ القبائل.