أكد خبراء أهمية الخطط التي تدرسها الدولة لإنشاء صندوق ادخار للموظفين غير المواطنين، وقالوا إن أهم ما تقدمه يتمثل في حماية مصالح وحقوق الموظفين في الدولة، وتقديم عائد على أموال نهاية الخدمة، يغطي على الأقل التضخم في الأسعار، ما يكفل لهم تقاعداً كريماً.
ولفتوا في حديث مع «الخليج» إلى أن هذه الخطوة سيكون لها انعكاساتها الإيجابية على أسواق المال المحلية، مع استثمار قسط كبير من هذه الأموال في الأسواق، ما يسهم في تعزيز السيولة.
قال محمد علي ياسين، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي الأول للأوراق المالية، إن خطط إنشاء صندوق ادخار للموظفين غير المواطنين سيسهم في حماية حقوق الموظفين، ويحقق انعكاسات إيجابية على المدى الطويل. لكنه قال إن القرار ربما يلقى معارضة من قبل بعض الشركات، وبخاصة الكبيرة والقديمة منها في البداية، لافتاً إلى أن الكثير من الشركات العاملة في الدولة لا تقوم بفصل أموال نهاية الخدمة عن سيولتها، حيث توظفها في استثماراتها أو تستخدمها في الإنفاق.
ولفت إلى أن هذه الخطوة سوف تسهم في فصل حسابات وأموال نهاية الخدمة، لكنها ستمثل في البداية عبئاً على الشركات وعلى عائداتها على المدى القصير.
وأكد على أهمية إدارة هذه المحافظ من قبل شركات متخصصة تستثمر هذه الأموال بدراية وبتحفظ وفي أدوات منخفضة المخاطرة. 
وأضاف: إن نسبة لا تقل عن 30 إلى 50% من سيولة هذا الصندوق يجب أن تبقى نقداً في البنوك، ليسهل توفيرها عند الحاجة.
وقال، إنه وبالنظر لضخامة حجم السيولة المتوقعة للصندوق، فستتنافس البنوك على هذه السيولة، بما يتيح معدلات فائدة ربما تصل في ظل المعطيات الراهنة إلى ما يتراوح بين 2.5 إلى 3%، ما سيسهم في تحقيق عائد وتغطية المصاريف الإدارية.
دعم الأسواق المحلية
أما المبلغ المتبقي ويتراوح بين 50 إلى 70% حسب الخطط التي سيتم وضعها، فسيتم استثماره، ومن المهم أن تكون هناك إدارة متحفظة لهذه السيولة، وأن يتم استثمارها في الأسواق المحلية لا العالمية لدعم هذه الأسواق. وأضاف قائلاً إن إنشاء الصندوق يمكن أن يتم على سبيل المثال بمرسوم، كمؤسسة الإمارات للاستثمار، يتيح أفضلية له في تخصيص الاكتتابات الأولية العامة، وإصدارات السندات، وأن توضع ضوابط لعملية الاستثمار.
وقال إن عوائد الصناديق التقاعدية عالمياً تتراوح بين 3 إلى 5%. وأكد أهمية الإدارة المتحفظة لهذا الصندوق، مشيراً إلى تجربة الولايات المتحدة خلال الأزمة المالية العالمية، وتوقع أن يكون دخول الصندوق في أسواق الأسهم المحلية محدوداً، لكنه سيكون داعماً لنموها.
ولفت إلى نقطة إيجابية مهمة يوفرها الصندوق، وهي في حال انتقال الموظف من عمل إلى آخر ضمن المؤسسات المشاركة في الصندوق، فلن يحتاج الأمر إلى دفع نهاية الخدمة والبدء من جديد، بل يمكن ترحيل مسؤولية نهاية الخدمة من جهة لأخرى، ضمن نفس الصندوق.
الفصل الفعلي لمستحقات الموظفين
وأكد طارق قاقيش مدير إدارة الأصول لدى شركة «ميناكورب» أهمية هذه الخطوة، قائلاً إنه وعلى الرغم من إلزام القوانين للشركات بفصل أموال نهاية الخدمة عن سيولتها، إلا أن أغلبية هذه الشركات تكتفي بالفصل المحاسبي لمستحقات نهاية الخدمة لموظفيها، دون أن يكون هناك فصل فعلي لهذه السيولة من أموال الشركة، بل يتم توظيفها في الإنفاق، أو تستثمر مع أموال الشركة.
وقال إن أهم أثر إيجابي من هذا القرار هو الفصل الفعلي لمستحقات الموظفين ما يحمي أموالهم وحقوقهم في حال تعرضت الشركة لمشاكل مالية أو أشهرت إفلاسها، وقال إن شركات واجهت مشاكل مالية خلال الأزمة المالية العالمية هرب أصحابها من الدولة، وضاعت بذلك حقوق العاملين في هذه الشركات.
وأكد أن الأثر الإيجابي الثاني يتمثل في استثمار هذه الأموال بما يحقق عائداً عليها يعوض على أقل تقدير التضخم في الأسعار، فمبلغ 100 درهم في ظل التضخم يتقلص إلى 80 درهماً (من حيث القيمة الحقيقية) بعد 20 عاماً، وفي ظل نسبة تضخم متحفظة ما بين 2 إلى 3%، ما يعني فقدان أموال نهاية الخدمة لقسط كبير من قيمتها الشرائية مع مرور الوقت، أما استثمارها فيسهم على الأقل في تغطية الخسارة في القيمة.
استثمار الأموال
وقال محمد عمار أبوحجلة المدير المالي لشركة اتحاد المقاولين العالميين، إن الفكرة جيدة ولابد أن تكون قائمة على أساس استثمار الأموال في هذا الصندوق، التي قد تصل إلى عدة مليارات، ويجب أن يكون استثمار هذه الأموال في مجالات عدة، وأن تعود الفوائد السنوية للاستثمار على المشتركين في الصندوق، إضافة إلى حصول الموظف لمدخراته مع نهاية عمله من الصندوق. ومن شأن هذا الصندوق الذي قد تصل حجم الأموال فيه إلى عدة مليارات أن يسهم في علمية تمويل المشاريع، التي من شأنها أن تخدم الاقتصاد الوطني، كما هو الحال بالنسبة لصناديق الادخار في الدول المتقدمة.
إحصاءات دقيقة
أكد عميد كنعان، مدير تطوير الأعمال في شركة الرمز في الإمارات الشمالية، أن الفكرة ممتازة، وقال: في حالة التطبيق ستكون بمثابة ضمان اجتماعي للموظفين والعاملين غير المواطنين في الدولة، وتحقق مبدأ العدالة والضمان الاجتماعي النسبي. وقال إن الإمارات التي تمضي في خطة التطور والتقدم هي الآن تسير بطرح هذه الفكرة نحو مزيد من الحماية والضمان لحقوق العاملين لديها، كما هو الحال في الدول المتطورة. وقال إن دراسة هذه الفكرة يجب أن تقوم على إحصاءات دقيقة خاصة عدد الوافدين العاملين في الدولة، وهو ما قد يضعنا بصورة حجم الأموال المفترض أن تكون في هذا الصندوق، وهي بالتأكيد تعد بالمليارات، وشدد على ضرورة استثمار أموال الصندوق في القطاعات المختلفة ذات العائد المجدي.
أكاديميون: فكرة ملهمة
اعتبر أكاديميون أن إنشاء صندوق ادخار للموظفين غير المواطنين لإيداع مكافآتهم بدلاً عن نظام تعويض نهاية الخدمة، خطوة إيجابية وبناءة تصب في صالح العامل والمؤسسة، ويعتبر تجربة جديدة ستكلل بالنجاح، لما فيه حفظ لأموال الموظفين، وضمان حقوقهم، كما سيكون له أبعاد ومنافع اقتصادية واجتماعية كبيرة، خصوصاً وأنه من المتوقع أن يبلغ رصيد الصندوق نحو 85 مليار درهم، وهو ما يساعد في تحقيق فائدة كبيرة تصب في مصلحة الموظف. 
وأكد البروفيسور الدكتور عبد الله الشامسي مدير الجامعة البريطانية في دبي أن إنشاء الصندوق، فكرة مهمة وذات نفع كبير، خصوصاً أنها تنظم العلاقة بين الموظف والجهة التي يعمل بها، كما تعتبر ضماناً لحقوق الموظفين بشكل أساسي وتعمل على الاستقرار لدى الموظف، كما أن الاستثمار بهذه الأموال يعود بالنفع على الموظفين كما يعتبر تفادياً للمشاكل التي قد يتعرض لها الموظف مع مؤسسته في نهاية الخدمة.
وأيد الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي فكرة إنشاء الصندوق، مشيراً إلى أنها خطوة مهمة وإيجابية والأولى من نوعها في حفظ حقوق الموظفين وتنظيم آلية العمل بين الموظف ومؤسسته، كما يعتبر نوعاً من الأمان للموظف على رزقه وحقوقه، ويؤدي عمله وهو مطمئن، فالدولة تولي أهمية كبيرة في حفظ حقوق الموظفين والعاملين في مختلف الجهات. 
ورأى الدكتور محمد العدل أستاذ مساعد في كلية الطب بجامعة الشارقة، أن فكرة إنشاء الصندوق تعتبر خطوة مهمة وذات أبعاد إيجابية، ولا شك أن فوائدها كبيرة خصوصاً في حفظ الحقوق وتنظيم العمل بين الجهة وموظفيها، كما يعود بالنفع على الجهتين خصوصاً وأن هناك فائدة كبيرة باعتبارها خطوة نحو الاستثمار وهذه نقطة قوة، وسيعود بالنفع على الفرد وتحقيق عوائد مادية بدلاً من بقائه لدى المؤسسة دون أية عوائد، خصوصاً وأن هناك بعض الجهات تمنح موظفيها المكافأة في نهاية كل سنة، بالتالي تعتبر الفكرة ممتازة من ناحية الادخار والاستثمار. 
وأكد الدكتور فكري النجار الأستاذ المساعد في قسم اللغة العربية بكلية الآداب في جامعة الشارقة، أن الفكرة تعتبر ملهمة بالفعل وتسير في الطريق الصحيح وتكلل بالنجاح في حال تم تطبيقها، فالفوائد كثيرة ومتعددة، خصوصاً إذا ما تم استثمار هذه الأموال، وتعتبر فكرة مهمة خصوصاً لمؤسسات القطاع الخاص، كما تعتبر عاملاً مهماً لضمان حقوق الموظفين في نهاية خدمتهم، كون الأموال في مكان آمن والحقوق محفوظة، كما أنه لدى الموظف درجة عالية من الطمأنينة على حقوقه. 
من جانبها أكدت الدكتورة أمل إبراهيم آل علي أستاذ مساعد في كلية إدارة الأعمال بجامعة الشارقة، أن الفكرة تعتبر مهمة وستكلل بالنجاح في حال تطبيقها، لأن أهدافها واضحة تخدم الفئة المستهدفة، وتساعد على تأمين مستقبلها، بالتالي تعتبر الفكرة جيدة.
وأشارت إلى أن إنشاء الصندوق سيحقق توازناً اقتصادياً ويخلق بيئة عمل آمنة، ويعزز ريادة الأعمال والاستثمار.