السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، واحدة من الشخصيات التي استطاعت أن تترك بصمة واضحة، وأن تسجل حضورا متميزا من خلال حقيبة وزارية لم يكن يتوقع أن يكون لها أي تأثير، «الأهرام العربي» التقت السفيرة نبيلة مكرم في حوار حول العديد من الملفات الساخنة على أجندة الوزارة وفي مقدمتها واقعة الاعتداء على الشاب المصرى وحيد الرفاعى فى الكويت، والإرهاب في مصر، وسبب نسج خيوط التعاون مع المصريين بالخارج، ومؤتمر «مصر تستطيع» في نسخته الثالثة والجديدة في شهر ديسمبر الجاري حول المياه.

> لماذا سافرتِ للكويت بسرعة للتعامل مع حالة الشاب المصري الذي تم الاعتداء عليه هناك؟

سافرت الكويت للاطمئنان على الشاب المصرى وحيد الرفاعى، المُعتدى عليه فى الكويت، وليس للتدخل في احكام القضاء، فإن المشكلة فردية، لكن ما دفعني للتحرك والسفر هو إيصال رسالة للمواطن المصري بالخارج «إن له ضهر.. وإن دولته تقف بجواره خاصة في حالة مثل وحيد.. المواطن الملتزم المكافح»، وأسعدني خلال الزيارة أن الرفاعي كان مبتسم، وكان فرحان وقال لي «الدولة رفعت راسى»، وحضوري كممثل للحكومة، والنائب علاء عابد رئيس لجنة حقوق الانسان، والسفير المصري بالكويت، دليل علي تكامل جهود الحكومة والبرلمان بجانب المواطنين في الداخل والخارج.

> تتعرض مصر منذ فترة لحوادث إرهابية مؤلمة.. ما رأيك فيها؟ وهل يمكن أن يكون هناك دور للوزارة والمصريين بالخارج فى مكافحة الإرهاب فى مصر؟

أدين ما يحدث بكل تأكيد، فمصر الآن تحاول بكل جهدها أن تستعيد موقعها الريادى فى الوطن العربى والقارة الإفريقية، وهذا ما يدفع أعداء الوطن للقيام بهذا الإرهاب الغاشم على المواطنين من أجل عرقلة تقدمها، وعلى الرغم من هذه المحاولات، فإن صلابة النسيج الوطنى أقوى بكثير من كل هذه المحاولات، فقد تلمست فى جميع زياراتى للمصابين، من آثار هذه الحوادث روحا معنوية عالية وتحدى ومقاومة وأملا وإصرارا على تخطى هذه المرحلة الصعبة من عمر الوطن، والدولة تبذل جميع الجهود للقضاء على الإرهاب الأسود وتجفيف منابعه، وإفشال مساعيه للنيل من استقرار وأمن الوطن،‎ ‎وبالطبع هناك دور لنا فى مواجهة هذا الإرهاب، فقد قمت بدعوة كل المواطنين بالخارج إلى التكاتف وتوحيد الجهود، وبالفعل تجمع عدد كبير منهم منذ أيام بالولايات المتحدة لدعم مجهود الدولة المصرية ضد الإرهاب، والتنديد بحادث مسجد الروضة بالعريش، وإيداع التبرعات فى حساب صندوق الكوارث بصندوق تحيا مصر، وليثبتوا لصانعى القرار السياسى الأمريكى فى الولايات المتحدة، أنهم جميعا قلب واحد ضد إراقة أى نقطة دم مصرية، كما قمت بدعوة المصريين بالخارج خصوصاً الشباب بإطلاق حملة موحدة‎ ‎بعنوان «‎معا مع ضحايا الإرهاب وضد ممولى وداعمى ومنفذى الإرهاب»، وتواصلت أيضا مع الأستاذ محمد العشماوى رئيس مجلس إدارة صندوق تحيا مصر، الذى وافق على تخصيص حساب ضمن صندوق الكوارث لتنمية القرية وتلقى التبرعات من الراغبين فى الداخل والخارج عبر موقع الصندوق، كما قمت ‎بتنظيم زيارات لهم لعدد من المصابين من رجال قواتنا المسلحة والشرطة والمواطنين إثر عدد من الحوادث الإرهابية الغاشمة، فوحدتنا كفيلة بمواجهة الإرهاب الأعمى الذى لا يفرق بين مسجد أو كنيسة، بين مدنى أو عسكري، بين رجل وطفل.‎ ‎
> ما أهم ملامح مشروع قانون المظلة التأمينية للمصرى بالخارج؟

انتهينا من المسودة النهائية لقانون «المظلة التأمينية الشاملة للمصرى بالخارج» وتم تقديمها للحكومة انتظارا لعرضها وطرح التعديلات قبل إرسالها لمجلس النواب، فقانون المظلة التأمينية المقترح من وزارة الهجرة والصادر بشأنه قرار رئيس مجلس الوزراء فى فبراير 2016 تشكيل لجنة من الوزارات المعنية برئاسة وزارة التضامن، وعضوية وزارات الهجرة، والخارجية، والصحة، والداخلية، والطيران، والقوى العاملة، والجهات الرقابية المتخصصة، وناقشت اللجنة على مدار جلسات، استمرت على مدار عام مواد قانون يتيح التأمين على المصرى بالخارج وتعويض فى حالة العجز الكلى والوفاة، وكذلك إجراءات نقل جثمان المتوفى ضمن وثائق تأمينية، والمناقشات الإيجابية والأطروحات المقدمة من مختلف الجهات، ستؤدى إلى إصدار قانون يتوافق عليه الجميع لضمان أفضل خدمة للمواطن بالخارج، حيث سيتم الاستفادة من كل مقترح للوصول إلى الصورة النهائية.

> هناك فوضى فى مسألة اتحادات المصريين بالخارج.. كيف يمكن تنظيم تلك الاتحادات بشكل صحيح؟

بدأت بالفعل فى وضع الحلول لهذه الظاهرة، وقمت بإعداد استبيان وتوزيعه على كل البعثات المصرية فى الخارج وتم نشره عبر وسائل الإعلام لتنظيم هذه الاتحادات، إن من يرفع اسم مصر على أى اتحاد أو تجمع فى الخارج، يجب أن يكون جديرا فعلا برفع اسم مصر، وأنا كوزيرة هجرة أحرص على أن تكون لدى بيانات كاملة بشأن تلك الاتحادات والجمعيات حتى نكون على دراية بهذه المجالس، والاتحادات ومن يتولى رئاستها ومن هم الأعضاء ومتى تم انتخابهم والانتخابات المقبلة متي؟ وماذا قدمت هذه الاتحادات من مساعدة للجالية؟ وهل لديها مقرات على أن تكون معتمدة من البعثة الدبلوماسية، ومايتعلق بآلية تنظيم تلك الاتحادات فقد اجتمعت بأعضاء مجلس إدارة الاتحادات لعرض خطة عمله خلال الفترة المقبلة، وتضمن اللقاء الحديث عن ضرورة توحيد صف المصريين بالخارج لتغليب المصلحة الوطنية، وإطلاق مبادرة للاستماع للآخرين، وفتح الباب لضم كل أطياف المجتمع المصرى المقيم خارج البلاد، وطالبتهم فى اللقاء بضرورة لم الشمل والتوحد أمام التحديات التى تواجه الوطن، وأطلقنا بالفعل أول ميثاق شرف بين ممثلى الاتحادات والجاليات تم توقيعه برعاية أكاديمية ناصر.

> البرلمان حاليا به ممثلون للمصريين بالخارج وللمرة الأولى.. كيف تقيمين التجربة؟ وما طلباتك من مجلس النواب؟

بالفعل تجربة مميزة، وهناك تعاون دائم بين الوزارة وبين أعضاء البرلمان الممثلين للمصريين فى الخارج، وقد قمنا بتكوين صداقة بين أعضاء البرلمان المصرى والأسترالي، وبالتأكيد سيفيد مصر فى مجالات عديدة من استثمارات وسياحة ودعم معنوى وأيضا فيما يتعلق بالمجتمع الدولي.

> ما تفاصيل “أسبوع الجاليات”؟ وما الهدف من ورائه؟ وماذا بعد التجربة اليونانية - القبرصية؟

أطلقنا الدعوة إلى أسبوع الجاليات من الدول الثلاث على أرض مصر تحت شعار ”العودة للجذور”، بحضور تيرانس نيكولاس كويك نائب وزير الخارجية اليونانى، وفوتيس فوتيو المفوض الرئاسى للشئون الإنسانية والقبارصة للمغتربين، وهدفنا من ذلك إحياء الاحتفاء الشعبى والسياحة التاريخية للجاليات الأجنبية، فى لقاء يحمل اسم‎ “nostos return “ ‎ويتناول زيارة للأماكن التى تحمل ذكريات الجاليات من الدول الثلاث ومكان نشأتهم ومدارسهم وغيرها، وهذا اللقاء يعد الأول من نوعه فى تاريخ مصر يضم أبناء 3 دول عاشوا على أراضيها، للتعاون والتبادل الثقافى، والخبرات بين أبناء هذه الجاليات. أما بخصوص «هنعيشها بالمصري» بالتعاون مع شركة ويل سبرينح wellspring، يُعقد المعسكر فى الفترة من 26 لـ 31 ديسمبر المقبل،‎ ويهدف المعسكر إلى تدعيم علاقات مصر مع أبنائها فى الخارج من الجيلين الثانى والثالث، وتم تخصيصه لأبناء مصر من الجيلين الثانى والثالث فى المرحلة العمرية 12 لـ 16 سنة فى مدينة شرم الشيخ، ويشمل البرنامج بعض المحاضرات عن تاريخ مصر ودورها الريادى فى المنطقة، بجانب أنشطة مثل السفارى وأنشطة رياضية مختلفة‎.‎

> تواجهون فى وزارة الهجرة مشاكل عديدة كعدم وجود مبنى للوزارة ونقص الموازنة.. هل يمكن أن تنتهى مع الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة؟

بالفعل ستنتهي.. فكما هو مقرر أنه سيتم نقل كل أجهزة الحكومة للعاصمة الإدارية الجديدة.. ولكن على الرغم من الظروف الخاصة بعدم مناسبة المكان.. فقد قامت الوزارة بعملها على أكمل وجه، ولم تجعل المكان أمرا يمنع قيام الوزارة بالواجب المنوط بها القيام به.

> المصريون بالخارج يواجهون مشكلات عديدة فى دولهم.. وأيضا ربما يتسببون فى بعض المشكلات المسيئة لمصر.. ماذا تقولين للمصريين بالخارج؟

المصريون بالخارج هم خط الدفاع الأول عن مصر فى مختلف دول العالم ويمثلون الواجهة الحقيقية لهذا البلد العظيم، وعلى المصريين بالخارج أن يعوا ما يحاك ضد بلدهم من مؤامرات تريد النيل من هذا البلد، والتصدى لها بكل قوة وحزم من خلال الترويج لمميزات مصر، وعدم تصديق ما يتم ترويجه من شائعات مغرضة.

> يعانى المصريون بالخارج وخصوصا بالدول الأوروبية وأمريكا من عدم وجود مرجعية دينية تساعدهم على شرح الدين.. هل يمكن أن نرى ملحقا دينيا أو وسيلة ما لإرسال البعثات الدينية أو تكثيفها؟

خلال لقاءات بشيخ الأزهر تم طرح فكرة إرسال بعثات إسلامية للخارج، وضرورة إنشاء مراكز إسلامية تابعة للأزهر الشريف بدول الخارج، وتم التنسيق والتعاون بين وزارة الهجرة والأزهر، على نشر موقع الأزهر على منصات الوزارة الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى والموقع الرسمى للوزارة، وذلك لاستقبال أسئلة واستفسارات المصريين بالخارج حول مختلف القضايا الدينية الاسلامية، لسرعة الرد من قبل المختصين بالأزهر الشريف على هذه الأسئلة والاستفسارات.

> شهدنا تواصلا مستمرا واهتماما كبيرا بشباب المصريين بالخارج وحضورهم بمنتدى شرم.. ما الرسالة والهدف من ذلك؟

منتدى شباب العالم لم يكن فقط هدفه التواصل والتعايش وتقريب وجهات النظر بين شباب العالم، ولكن تكمن أهميته فى أن مصر تقدم نفسها للعالم بصورتها الحديثة بحضور شخصيات عالمية، فمنتدى شباب العالم نقل مشهدا متكاملا عن مصر كونها دولة تتعرض للإرهاب فى منطقة مشتعلة بالحروب، إلى مشهد متكامل من الأمن والأمان فى شكل جغرافى جميل وطقس مميز للغاية، وهناك هدف آخر هو ربط الجيلين الثانى والثالث من أبناء المصريين بالخارج بوطنهم الأم، ورفع روح الانتماء لديهم من خلال تلك الزيارات لمصر والتعرف عليها، ويمثل ذلك حافزا كبيرا لديهم، بالإضافة لتوضيح الصورة المغلوطة التى يتم الترويج لها خارجيا، فضلا عن إدماجهم بالمشروعات القومية التى تعمل عليها الدول فى الوقت الحالي.

> البعض يصور المصريين بالخارج باعتبارهم “مصدر دخل وتبرعات” فقط لا غير.. ما رأيكم؟

أرفض تماما اعتبار المصريين بالخارج ”مصدر دخل وتبرعات”، فالمصريون بالخارج هم خط الدفاع الأول عن بلدهم، ويمثلون قوة بشرية ضخمة، نعمل على الاستعانة بها والتعاون معهم لخدمة بلدهم الأم، ونلمس رغبة واضحة مع كل المصريين بالخارج فى دمجهم بخريطة التنمية.

> نظمت مؤتمرين بعنوان مصر تستطيع، فما أبرز الفوائد منهما؟ وما أهم أهداف المؤتمر الثالث حول الرى والمياه؟

المؤتمر الأول عقد بالغردقة لعلماء وخبراء مصر فى الخارج نتج عنه نتائج عديدة، سواء فيما يتعلق بالهيئة الاقتصادية لقناة السويس كإطلاق الأطلس الشمسى المتجدد من قبل دكتور هاشم العسكري، وإستراتيجية الاكتفاء الذاتى من الأسماك بالتعاون مع هيئة قناة السويس من خلال دكتور منصور المتبولي‎، وهناك نتائج عديدة بالنسبة لوزارة الصناعة والتجارة والهيئة العربية للتصنيع، ووزارة النقل والمواصلات، ومؤسسة مجدى يعقوب لأمراض القلب‎، وأيضا بالنسبة للريف المصري، بل أيضا بالنسبة لوزارة الإنتاج الحربي، ووزارة التعليم العالى والبحث العلمي، والكهرباء والطاقة المتجددة.

> ما أبرز تفاصيل مؤتمر «مصر تستطيع» فى جولته الثالثة والمخصص حول المياه؟

ننسق حاليًا لعقد مؤتمرنا الثالث «مصر تستطيع بأبناء النيل» الذى يركز على عدة محاور مهمة، ومنها الاستغلال الأمثل للمياه، وإمكانية الاستفادة القصوى منها، فى مشروعات ذات أبعاد اقتصادية وبيئية وتنموية بالدولة، كما تم اختيار موضوع المياه، ليكون المحور الرئيسى للمؤتمر، لكونه أحد أهم ملفات الأمن القومى، وسر الحياة الذى يقوم عليه الوجود، وتعتمد عليه التنمية، والمؤتمر ستشارك فيه وزارات: الرى، الزراعة، الكهرباء، البيئة، الصناعة، الإسكان، التعليم العالى والبحث العلمي، والإنتاج الحربى، وشركة الريف المصرى الجديد، وغيرها من الوزارات والهيئات والمنظمات ذات الصلة‎.