قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بمعهد البحوث الأفريقية، إن خزان الحجر الرملى النوبى يعد من أكبر خزانات المياه الجوفية فى العالم حيث يمر بأربعة دول هي مصر وليبيا وتشاد والسوان.
وأضاف "شراقى"، فى تصريحات لـ"صدى البلد"، أن مصر تستفيد من هذا الخزان الضخم بشكل كبير فى الزراعات الموجودة بمنطقة الواحات، حيث تعتمد بشكل كامل على مياه خزانات الحجر النوبي الرملى، فضلًا عن أن 80% من مشروعات المليون ونصف المليون فدان تعتمد بشكل أساسي على مياه هذا الخزان، وكذلك الوضع بالنسبة لليبيا بتحقيق الاستفادة منه من خلال الاعتماد بشكل كلى على مياهه فى مشروع النهر الصناعي العظيم الذي أنشأه الرئيس الراحل معمر القذافي.
وأوضح خبير الموارد المائية، أن أهم ما يميز خزان الحجر الرملى أنه ضخم جدا ولايزال الاختلاف قائما على كمية المياه الموجود به، حيث أفادت تقديرات غير مؤكدة بأن كمية المياه المتواجدة بالخزان تعادل 1700 عام من مياه نهر النيل، مشيرًا إلى أن هناك ضرورة من عمل دراسة جدوى خاصة للمنطقة، حيث إن المسافة بين الآبار تختلف من مكان لمكان وأيضا نوعية المياه تختلف من مكان لآخر، لذلك كل منطقة تحتاج لدراسة عملية خاصة بها.
وتابع "شراقى" أن خزان الحجر الرملى النوبي هو عبارة عن مجموعة خزانات منفصلة عميقة يتراوح عمقها من 300 لأكثر من 1000 متر، ويختلف العمق المكانى لها بحسب وجودها فى كل دولة بمعنى أن منطقة الواحات من الممكن أن تصل عملية الحفر بها لأكثر من 1000متر وفى أماكن أخرى تصل لـ700 متر.
وأوضح الخبير المائي أن المياه الموجودة بالخزان يصل عمرها لـ 5000 عام، حيث كانت آخر تغذية للخزان فى العصر "المطير"، حيث كانت تسقط الأمطار بغزارة فى الصحراء المصرية وكانت تتسرب المياه لباطن الأرض وتكونت على هذا النحو، مؤكدًا أن هذه المياه غير المتجددة تعتبر ثروة لن تعوض وبمثابة حقل للأجيال القادمة ولابد من الحرص الشديد فى استخدامها، فكل قطرة منها لن تتجدد، وبالنسبة للسودان هناك صعوبة فى الحصول على مياه الخزانات فى الشمال نظرًا للعمق الكبير، حيث يزداد عمق الخزان كلما اتجهنا للشمال، ما يشكل عائقا كبيرا أمام مد دارفور بالمياه وإنقاذهم من حالة الجفاف التى يعانون منها.
ونوه "شراقى" بأن ليبيا تعد الدولة الأكثر احتياجا لمياه الخزان الجوفى على اعتبار أنها لا تمتلك أي مورد مائي مثل مصر المتمثل فى نهر النيل، مشيرًا إلى أن النهر الصناعى الليبي قائم عمله بشكل كامل على استخراج المياه الجوفية من واحة الكفرة بجنوب ليبيا وضخها للمناطق ذات الفقر المائي فى الشمال عبر أنابيب يصل طولها لـ 4 آلاف كيلومتر ممتدة داخل الأراضى الليبية بالشراكة مع الخزانات الجوفية القريبة من الأراضى التونسية والجزائرية القريبة من الأراضى الليبية وبلغت تكلفته ما يقرب الـ 30 مليار دولار.
وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية أن مشروعات شرق العوينات الزراعية، بالإضافة للزراعات الموجودة فى الواحات البحرية والداخلة والخارجة والفرافرة تعتمد بشكل كامل على مياه خزان الحجر الرملى النوبي الذي تمتد حدوده من أسوان والواحات والخارجة وسيوة وداخل لييبا، موضحًا أن مساحة الخزان تبلغ ما يعادل 3 أضعاف مساحة مصر وتقدر كمية المياه به 150 ألف مليار متر مكعب بحسب الدراسات التى أعلنت دون تأكيدات محددة.
ونصح خبير الموارد المائية، بضرورة إعادة النظر فى استخدام هذه المياه فى زراعة مشروع المليون ونصف المليون فدان نظرًا لأنه مورد غير متجدد فى ظل تراجع أرباح النشاط الزراعي بعد ارتفاع أسعار الأسمدة، إضافة لتكلفة نقل المحاصيل وغيرها.
وأكد "شراقى" أنه يمكن تحقيق الاستفادة القصوى من هذه المياه التى تعتبر بمثابة "ثروة لا تعوض" من خلال إقامة تجمعات سكنية مطلوبة واستخدامها فى الشرب والصناعة والسياحة والخدمات، مشيرًا إلى أن طبيعة هذه المياه الجوفية، خاصة الموجودة بمنطقة الفرافرة، تمتاز بعذوبة أفضل من مياه نهر النيل وتكاد تنعدم فيها الملوحة.
وأوضح أن هذا الخزان الجوفى الدولى المشترك والذي يمر بأربع دول الجزء الأكبر منه موجود بليبيا وأقل جزء فى تشاد والآخر فى السودان، ويمثل حوالى 40% من حجمه فى الأراضى المصرية.
واتفقت مصر والسودان وليبيا وتشاد على التعاون والتكامل والاستغلال الأمثل لأحد أكبر خزانات المياه الجوفية فى أفريقيا بما يحقق مصالح شعوب الدول الأربع، وذلك خلال ختام فعاليات اجتماعات الهيئة المشتركة لدراسة وتنمية خزان الحجر الرملى النوبى العادى بمناسبة مرور خمس وعشرين سنة على تأسيس الهيئة أمس، والذى عقد على مدى يومين بالقاهرة.