"ادعاءات وتجاهل"، هذا هو مسار شبكة "بي بي سي" العربية، خلال الفترة الماضية، في تغطيتها للأحداث في مصر، بعدما أصرت القناة، أمس، على اتهام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بالموافقة على توطين الفلسطينيين في مصر، إبان زيارة قام بها إلى لندن في ثمانينات القرن الماضي.


القصة تعود إلى الأسبوع الماضي، عندما نشرت قناة "بي بي سي" وثائق زعمت أنها لاجتماع رسمي جرى بين "مبارك" ورئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت ثاتشر، أكد فيه أن الرئيس الأسبق، قال إنه يوافق على توطين الفلسطينيين في مصر في إطار تسوية شاملة للقضية الفلسطينية.
ولم يمر يوم واحد حتى نفى الرئيس الأسبق ادعاءات "بي بي سي"، حيث أكد في بيان له أنه: "لا صحة إطلاقًا لأي مزاعم عن قبول مصر أو قبولي لتوطين فلسطينيين بمصر وتحديدًا المتواجدين منهم في لبنان في ذلك الوقت".
وأوضح "مبارك" في بيان له: "كانت هناك مساعٍ من بعض الأطراف لاقناعي بتوطين بعض الفلسطينيين الموجودين في لبنان في ذلك الوقت بمصر، وهو ما رفضته رفضاً قاطعاً".
وأكد "مبارك"، رفض كل المحاولات والمساعي المتلاحقة لتوطين فلسطينيين في مصر أو مجرد التفكير فيما طرح عليه من قِبل إسرائيل تحديدًا عام 2010 لتوطين فلسطينيين في جزء من أراضي سيناء، من خلال مقترح لتبادل أراضٍ".
وواصلت "بي بي سي"، أمس، هجومها على الدولة المصرية بادعائها أن معظم الفلسطينيين لا يثقون في قدرات الحكومة المصرية على حل القضية الفلسطينية في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ونقلت القناة عن مركز استطلاع مغمور أن "70 في المئة من المستطلع آرائهم فقدوا الثقة في الدور المصري بعملية السلام".
وخلص الاستطلاع، إلى أن 44% يرون أن المقاومة المسلحة هي الحل الأمثل لإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة.
وفي خبر لها نشرته أمس، لم تذكر القناة مصر كدولة من دول المقاطعة لدولة قطر بسبب دعمها للإرهاب، وزعمت في الخبر أن قطر تجاوزت الأزمات الاقتصادية التي تسببت فيها الأزمة.
وجاء نص الخبر: "تمكنت قطر من تجاوز آثار العقوبات الاقتصادية التي فرضتها عليها السعودية والإمارات والبحرين منذ الخامس من يونيو الماضي، وأشارت التوقعات الرسمية من وزارة المالية إلى انخفاض العجز العام في ميزانية العام الجديد 2018".
وبدون سابق إنذار، كشفت القناة أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك قد تعرض لمحاولة اغتيال في لندن خلال ثمانينات القرن الماضي، من مجموعة تابعة لجماعة أبونضال.
وفي أكتوبر الماضي وجهت الهيئة العامة للاستعلامات احتجاجاً شديد اللهجة إلى كل من وكالة "رويترز" وشبكة "بي بي سي"، وأبدت ملاحظات جوهرية على ما قامت بنشره كل منهما حول العملية الإرهابية في الواحات البحرية والتي أسفرت عن استشهاد 16 ضابط وجندي، مقابل زعم القناة أن العملية الإرهابية أدت لمقتل 53 وذلك نقلًا عن مصادر أمنية لم تسميها.
وقالت الهيئة إن الشبكة الإنجليزية "بي بي سي" ووكالة رويترز باللغة الإنجليزية باستبدال مصطلح "الإرهابيين"، الذي لا يوجد غيره من حيث الدقة والواقعية لوصف تلك العناصر، بمصطلح "المقاتلين" الذي يمكن أن يعطي باللغة الإنجليزية إيحاءات إيجابية للقارئ.
خبراء إعلام: التمويل والشركاء سبب ما تدعيه الـ"BBC".. ومقاومتها واجبة
وتعليقًا على هذا الشأن، قال الدكتور سامي الشريف، عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة، إن وسائل الإعلام الغربية وتحديدًا شبكة "بي بي سي"، أصبحت تتخذ مواقف معادية تجاه النظام المصري، وتحديدًا بعد ثورة 25 يناير.
وأضاف "الشريف" في تصريحات لـ"الوطن"، أن الشبكة البريطانية كانت إلى حد ما مهنية في البداية، قبل أن تتخذ هذا التوجه ونشر أخبار مغلوطة، ومعلومات غير صحيحة، تسيء إلى صورة مصر في الخارج.
وأشار عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة، إلى أن ما تفعله "بي بي سي" يحدث لدواعي سياسية، نتيجة العلاقات السرية بينها وبين التنظيم الدولي للإخوان في لندن، والذي يسعى بدوره إلى تشويه صورة مصر أمام العالم، فضلًا عن شراكة الحكومة البريطانية التي لها موقف سياسي من مصر، وهو ما ينعكس على منشورات الـ"بي بي سي".
وفي السياق ذاته، قال الدكتور سامي عبدالعزيز، الخبير الإعلامي، وعميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقا، إن أزمة "بي بي سي" تكمن في الشركاء والتمويل، "اسألوا عن مصدر تمويل الشبكة وشركائها تعرفوا ليه هي بتعمل كده".
وأضاف "عبدالعزيز"، في حديثه لـ"الوطن"، أنه يجب مقاومة الشبكة البريطانية، ومواجهة ادعاءاتها بنشر الحقائق وعدم اتاحة الفرصة للشائعات والأخبار المغلوطة، وأن يحضر الإعلام بالمواجهة الفكرية وإتاحة المعلومات الصحيحة، فضلًا عن دور الهيئة العامة للاستعلامات في التواصل مع الجهات الإعلامية الأوروبية، لتحسين صورة مصر.