لم ينتظر إرهابيو هجوم طريق الواحات كثيرا بعد إتمام جريمتهم، التي أسفرت عن استشهاد 16 من رجال الشرطة وإصابة 13 آخرين، إضافة لمقتل وإصابة 15 إرهابيا، وسارعوا بانتشال قتلاهم والهرب في عتمة الليل خوفًا من وصول الدعم الجوي.. ومع مضي نحو 48 ساعة على الهجوم، يبقي السؤال أين اختفت العناصر الإرهابية؟ منطقة الاشتباك الإجابة على التساؤل تبدأ بدراسة منطقة المواجهات، وهي منطقة جبلية وعرة تقع داخل عمق الصحراء بالكيلو 135 بطريق (الواحات- أكتوبر)، وإداريا تدخل ضمن الظهير الصحراوي لمحافظة الجيزة، كما حددها البيان الثاني الصادر عن وزارة الداخلية. بيان الوزارة وصف المنطقة بأنها ذات طبيعة جغرافية وعرة، ويحدد موقع المواجهة أكثر أحد ضباط القوة الأمنية التابعة لمديرية أمن الفيوم، التي كانت تتولى مهمة تأمين مدخل الممر الرملي المؤدي إلى منطقة الاشتباكات، فالمنطقة كما يقول تنحصر بين الحدود الإدارية لثلاث محافظات يمكن التحرك بينهم عبر الدروب والممرات الصحراوية: الأولى محافظة الجيزة، وتبعد عن الكيلو 135 مسافة 30 كليو مترًا، أما المحافظة الثانية فهي محافظة الفيوم حيث يبعد وادي الريان عن منطقة الاشتباك بمسافة حددها بـ37 كليو متر. كما تبعد منطقة الاشتباك مسافة تتجاوز 44 كليو مترًا، من جبل القلمون شمال محافظة المينا إحدى محافظات الصعيد، هي المنطقة التي وقعت بها العملية الإرهابية التي استهدفت حافلة الأقباط في شهر مايو الماضي. ويصف العميد خالد عكاشة، عضو المجلس القومي للإرهاب، المنطقة قائلا: هي منطقة صحراوية مفتوحة، يسهل رصد أي تحركات فيها، ويتواجد بها كثبان رملية وكهوف وتلال، تزيد من صعوبة المواجهات، بالإضافة إلى أنها منطقة استراتيجية تقع بالقرب من القاهرة الكبرى، وبعض محافظات الصعيد. الهروب في الليل.. 3 سيناريوهات وقالت مصادر أمنية إن عملية التمشيط أكدت أن هروب الإرهابيون تم قبل سطوع ضوء النهار، هربًا من ملاحقة الطائرات، فيما كشفت طبيعة المنطقة الصحراوية المفتوحة من جميع الاتجاهات، عن ممرين فقط لهروب العناصر الإرهابية. "الممر الأول يؤدي إلي محافظة المنيا"، قول ضابط الحملة التأمين بالكيلو 135، موضحًا أنه يمكن التسلل إليها عبر ممرات دورب صحراوية؛ لكنها تحتاج فقط إلى دليل أو شخص يعرف المنطقة جيدا، وهو ما بدا متوفرًا -وفقا لقول الخبير الأمني خالد عكاشة-، الذي أضاف بقوله"العناصر الإرهابية يمتلكون الدليل الذي يُرشدهم ويُحركهم داخل المنطقة في سواد الليل". التحرك في دورب الصحراء ليلا له قواعد، كما يروي يوسف المعبدي أحد أبناء البدو بمطروح، قائلا: "ليلة الجمعة التي وقعت فيها الاشتباكات كانت مظلمة بسبب غياب القمر، ما يزيد من عتمة الصحراء ويكون الدليل الوحيد للتحرك فى الصحراء هى النجوم، التي يجيد تفسيرها وقراءتها مقتفي الأثر، فكل نجمة فى السماء تشير إلى اتجاه معين، وهو ما يؤكد أن هذه العناصر، كان معهم أحد أبناء المنطقة العارفين بدروبها". بينما الطريق الثاني الأقرب والأسهل، كما يرى سامح سعدون، أحد منظمي رحلات السفاري بالصحراء الغربية، هو الهروب عبر الدروب الصحراوية إلى وادي الريان داخل حدود محافظة الفيوم، وهو لا يغني عن وجود دليل خبير بالدروب الصحراوية، خاصة إذا كان هروبهم اضطرارياً، بسبب الحملة الأمنية التي اشتبكوا معها. سيناريو ثالث يمكن أن يفسر اختفاء الإرهابيين وفقا لأحد ضباط الحملة الأمينة، الذي توقع انتقالهم إلى وكر آخر بالصحراء المفتوحة، للاختباء به، خاصة أن معهم سيارات دفع رباعي تساعدهم على الحركة بسهولة.​