قالت صحيفة بريطانية إن نهر النيل هو السبب الوحيد الذي حافظ على بقاء مصر منذ عصور، فهو يمنحها مساحة خضراء خصبة صغيرة داخل صحرائها.

وتشير الصحيفة إلى أن مصر، ولأول مرة، تواجه خطرًا حقيقياً يتمثل في احتمالية فقدانها لشريان حياتها، وعلى ما يبدو أنها ليس لديها أي فكرة عما يمكن أن تفعله لمواجهة أية مخاطر مُحتملة.

ولفتت التليجراف إلى أن إثيوبيا أوشكت على الانتهاء من سد النهضة، أكبر سد تقوم ببنائه في النيل، مُشيرة إلى أنها ستقوم بعد ذلك بملء الخزان الكبير الموجود خلفه، لتوفير الطاقة الكهرومائية.

وترى الصحيفة أن المخاوف التي تواجهها مصر نتيجة بناء سد النهضة تتمثل في الحدّ من نسبتها من المياه، وتدمير أجزاء من أراضيها الزراعية، والضغط على سكانها، الذين يواجهون بالفعل نقصًا في المياه.

ونوهت إلى أن بناء السدود في الأنهار الدولية، غالبًا ما يتسبب في نشوب نزاعات حول تأثيره على المصب، إلا أن وضع نهر النيل مُختلف، فبحسب الصحيفة فإن عدة أمم تعتمد بشكل كلي على النيل كما تفعل مصر، والذي يوفر لها 90 بالمئة من إمدادها في الماء.

وترى الصحيفة أن مصر بالكاد تستطيع تدبّر أمرها بالحصة التي حصلت عليها من مياه النهر، موضحة أن حصة الفرد من المياه يصل إلى حوالي 660 متر مكعب، ويزداد الأمر صعوبة مع نقص الكفاءات وإهدار كميات كبيرة من المياه.

ومع تضاعف عدد السكان المُحتمل حدوثه خلال الـ50 عام المقبلة، فمن المتوقع أن تشهد البلاد نقصًا كبيرًا في المياه حتى قبل حلول عام 2025.

وذكرت الصحيفة أن مصر تحصل على نصيب الأسد من مياه النيل، إذ تتراوح حصتها ما بين 55 إلى 88 مليار متر مكعب، وحصلت على هذه النسبة في إطار اتفاقيات منذ عام 1929 و1959، والتي اعتبرتها دول أخرى جورا على حقوقهم، خاصة وأن تعدادها السكاني مرتفع.

ووفقا للتليجراف فإن لا أحد يُملك فكرة واضحة عن تأثير سد إثيوبيا على مصر، بينما تؤكد أديس أبابا أنه لن يُلحق أي أضرار بالقاهرة أو السودان.

ويقيس البعض حجم الضرر الذي قد ينتج عن سد النهضة، بمدى سرعة ملء الخزانات والتي من الممكن أن تحوي 74 مليار متر مكعب، فإذا كانت التعبئة سريعة زاد من حجم الضرر، وسيقل تأثيرها السيئ مع بطء هذه العملية.

ويساور القلق المزارعون المصريون، الذين يخشون أن يكون ضرر سد النهضة طويل الأمد.

ونقلت الصحيفة عن دراسة أجراها أستاذ زراعي في جامعة القاهرة، أفادت بأن مصر من الممكن أن تخسر 51 % من أراضيها، إذ تمت تعبئة الخزان الإثيوبي خلال 3 سنوات. وتوقعت الدراسة أن امتلاء الخزان في ست سنوات سيكلف مصر 17 % من الأراضي الزراعية.

وبالنسبة لإثيوبيا، فإن السد الذي تبلغ تكاليف بنائه 5 مليار دولار يُعد حلمًا قديمًا. خاصة وأن البنية التحتية في أديس أبابا ضعيفة وفقيرة، ما يترك الأغلبية العظمى من مواطنيها، والبالغ عددهم 95 مليون نسمة، بدون كهرباء.

وأشارت التليجراف إلى انتهاء حوالي 60 % من السد، ومن المحتمل أن ينتهي العمل فيه هذا العام، أو ربما في مطلع العام المقبل.

وألمحت الصحيفة إلى مطالبة العديد من القادة المصريين خلال السنوات الماضية بالقيام بعمل عسكري لإيقاف بناء السد، إلا أن هذا الخيار أصبح من الصعب الإقدام عليه بعد توقيع مصر لإعلان المبادئ التي وقعت عليها مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015.

ويقول سلمان سلمان، الخبير المائي السوداني، إن مصر تبنت دائمًا موقف صاحبة النهر، انطلاقًا من مبدأ "هذا نهرنا ولن يمسه أحد".

ويتابع: "والآن.. مصر لم تعد المسؤول الرئيسي عن النهر، إذ حلّت إثيوبيا محلها".