ظل عمرو موسى على رأس الدبلوماسية المصرية قرابة الـ10 سنوات. كان وزيراً للخارجية في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبطبيعة عمله تنقل من دولة لأخرى، لكن بقت تل أبيب البلد الوحيد الذي لم يزره، حتى طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحاق رايين، مبارك، بإقناع وزير خارجيته لزيارة إسرائيل.

وفق مذكرات أمين الجامعة العربية سابقاً، «كِتَابِيَهْ» الصادرة عن «دار الشروق» قبل نحو أسبوع، فإن مبارك شجّعه على الزيارة، لكن «موسى» تسبب في أزمة، وكاد أن يُفسد الرحلة لتل أبيب، بسبب وجود بند في البرنامج يتطلب زيارة متحف خاص بضحايا الهولوكوست، مرتدياً قبعة الصلاة اليهودية.

يقول «موسى»، إنه جرى الاتفاق على أن تكون الزيارة يومي 30 و31 أغسطس عام 1994، وفي يوم 21 من الشهر ذاته، أرسلت السفارة المصرية في تل أبيب البرنامج المقترح للزيارة، ولفت انتباهي فيه البند السادس: «زيارة يد فاشيم وهو متحف ذكرى الكارثة والبطولة، ويعرّض عمليات الإبادة التي تعرض لها اليهود على أيدي النازي (الهولوكوست)»، وبجانب هذا البند علقت السفارة بقولها: «سيضطر الوزير في حالة الموافقة على هذه الزيارة لارتداء قبعة الصلاة اليهودية، ووضع باقة من الزهور».

رفض «موسى» هذا البند، وأبلغ السفارة المصرية في تل أبيب بذلك، لإبلاغ المسؤولين الإسرائيليين، الذين أصروا على زيارة المتحف، وفقا للبروتوكول الذي يقتضي بالصلاة على ضحايا المحرقة بارتداء غطاء الرأس اليهودي. اتصل بمبارك، لإبلاغه باستحالة أن يزور المتحف ويرتدي القبعة اليهودية، لأن ذلك سيكون له آثار غير إيجابية في مصر والعالم العربي: «تصور يا سيادة الرئيس، وزير الخارجية المصرية يرتدي طاقية إسرائيلية ويصورونه بها وهو يقف متأثراً في متحف الهولوكوست، وماذا عما يحدث في فلسطين الآن».

هدد «موسى»، شيمون بيريز بإلغاء الزيارة أو تأجيلها، لكن مبارك طالبه بإيجاد حل للأزمة: «مش عايز دوشة. شوف حل أنت وصاحبك بيريز بس متخوفوش بحكاية إلغاء الزيارة».

وقبل ساعات معدودة من الزيارة اتصل «بيريز» بالوزير المصري، وأخبره بإيجاد حل: «اقترح أن تزور النصب التذكاري للأطفال المحلق بمؤسسة يد فاشيم، ولا يشمل أية طقوس أو مراسم دينية، وسنمنع التصوير»، فرد «موسى»» «موافق على زيارة هذا النصب التذكاري الخاص بالأطفال، ولا مانع لديّ من التصوير. الزيارة معلنة».

زار «موسى» النصب، وكتب في دفتر الزائرين: «هذا المتحف يذكرني بمعاناة الأطفال الفسطينيين الذين يسقطون كل يوم، ويُذكرني بالأطفال من كل الأديان والجنسيات الذين يسقطون جراء الحروب والنزاعات».