فاجأنى صديقى الحريص على ما يبدو أنه عليم بما خفى من الأمور بالقول بأن الانتخابات الرئاسية سوف تؤجل!.. قلت له مندهشا: لماذا يا أبو العريف.. قال لى لأن الدستور سوف يعدل، وسوف تتم إطالة مدة الرئاسة.
هكذا برر أبو العريف ادعاءه حول تأجيل الانتخابات الرئاسية.. لكننى اكتشفت فيما بعد أنه ليس وحده الذي يردد ذلك، بعد أن عاد الحديث حول تعديل الدستور خاصة وأن من بين المواد المقترح تعديلها المادة الخاصة بمدة الفترة الرئاسية.
غير أن هؤلاء يتجاهلون أن الحديث عن تعديل الدستور ما زال حتى الآن مجرد تفكير، وحتى يتحول إلى واقع فإن ذلك يحتاج إلى وقت ليس بالقصير، لأن الدستور حدد في مواده إجراءات تعديله وتوقيتات ذلك، والدورة البرلمانية سوف تبدأ مع اقتراب الخريف وسوف ينشغل النواب في بدايتها -كما جرت العادة- بأمرين الأول خطاب رئيس الجمهورية في افتتاح الدورة ومناقشته.. والثانى انتخابات رؤساء ووكلاء وأمناء سر لجانه المختلفة..
ثم يشرع أعضاء البرلمان في مناقشة ما هو مطروح عليه في جدول أعماله.. وحتى إذا افترضنا أن هذا تم بالفعل فالأغلب أن الموعد الذي حدده الدستور لفتح باب الانتخابات الرئاسية سوف يكون قد حل، وهو تقريبا مع بداية الربيع المقبل.. وبالطبع لن يعجل الرئيس بالدعوة إلى بدء الدورة البرلمانية لأنه ليس صاحب الدعوة للتعديل الدستوري.. وهكذا ستكون عجلة الانتخابات الرئاسية قد دارت قبل أن يفرغ البرلمان من إجراء تعديل لبعض مواد الدستور، بافتراض أن النائب صاحب دعوة التعديل قد حظى في أن يظفر بموافقة العدد المطلوب من النواب على طلبه (ثلث النواب).
وحتى إذا افترضنا جدلا أن الدستور سوف يتم تعديله كما يرغب هذا النائب، فإننا لا يمكن أن نتجاهل أن القانون لا يطبق بأثر رجعي والدستور هو أو القوانين.. أي أن إطالة الفترة الرئاسة لن تطبق بأثر رجعي.. أما تخيل أن تشمل التعديلات مادة انتقالية تسمح بذلك فهو أمر لم يفكر فيه حتى أصحاب دعوة تعديل الدستور وإنما فكر فيه فقط أصحاب الخيال الواسع فقط.