الهجوم الانتحاري الذي نفذه شخص الليلة الماضية، في قوة أمنية تابعة لكتائب القسام الذراع المسلح لحركة حماس على الحدود المصرية شرق رفح جنوب قطاع غزة، يسلط الضوء على التشكيلات المسلحة دخل القطاع والتي تشكل خطورة مباشرة على مصر وسيناء.
وخلال التقرير التالي ترصد "فيتو" خريطة المليشيات الإرهابية المسلحة بالقطاع، والتي تستهدف مصر بشكل أساسي بالمخالفة لتأسيسها على عقيدة محاربة دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي بدأت تنشط بشكل ملحوظ مع ظهور بوادر تقارب بين حماس والقاهرة لطي صفحة الخلافات وتأمين الحدود، وتركيز القائد الجديد للحركة "يحيى السنوار" على ضرورة تأمين خط الحدود المصري لقناعته بأهمية القاهرة في دعم القضية الفلسطينية
السلفية الجهادية
تعد الحركة السلفية من أبرز التيارات المهددة لسيناء من جهة غزة، وتعد أكثرها اهتمامًا بالأساليب العنيفة لبناء دولة إسلامية تتخطى الحدود الوطنية.
وبقي نشاط السلفيين في غزة ضعيفا في بداية عملهم، إلا أنهم ازدادوا واتسع عملهم مع عودة السلطة الوطنية عام 1994، التي أعطت التراخيص لبعض الجمعيات التي أقاموها لنشر الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالوسائل السلمية.
التشكيلات العسكرية للسلفية
1ـ جيش الإسلام:
تعود جذوره إلى أواخر سنة 2005 م، بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة مباشرة. حين بادرت مجموعة من لجان المقاومة الشعبية إلى تشكيله.
وقد صدر بيانه التأسيسي بتاريخ 8 / 5 / 2006 م، وسطع اسم جيش الإسلام إثر مشاركته في عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط على تخوم غزة، وقام جيش الإسلام بتسليم شاليط للجناح العسكري لحركة حماس؛ بسبب عدم مقدرتهم في الاحتفاظ به.
وقد أعلن تنظيم جيش الإسلام موالاته لتنظيم القاعدة؛ وقد تزعّمه الضابط السابق في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني ممتاز دغمش والذي ربطته علاقة بأحمد مظلوم الملقب بخطّاب المقدسي، وقد تمكن التنظيم من حشد عدد من الأتباع قُدّر من قبل بعض المصادر ما بين 200 إلى 300 عنصر.
وقد قام تنظيم جيش الإسلام بتنفيذ بعض الهجمات على المؤسسات الإعلامية الغربية العاملة في قطاع غزة، مثل احتجاز صحفيَّين تابعين لوكالة فوكس نيوز الأمريكية لأسبوعين تقريبًا، مطالبًا بإطلاق سراح سجناء مسلمين من السجون الأمريكية وتكرر الأمر بعد خطف الصحفي العامل في بي بي سي، ألن جونستون، في آذار/ مارس 2007 م، وطالب التنظيم بإطلاق سراح أبو قتادة الفلسطيني، ويُعتقد أنه نفّذ هجمات أُخرى على مقارّ جمعية الشبان المسيحية والمدرسة الأمريكية في غزة، وكذلك هجمات ضد بعض قيادات حركة حماس وبالتحديد العاملين في جهاز الأمن الداخلي، وقد أسفرت هذه الهجمات عن مقتل عدد من أفراد كتائب القسام.
2ـ جيش الأمة:
ظهر في يونيو 2007، واستقطب عددًا من الأنصار في مدن خان يونس ورفح وبيت لاهيا، وقد دشن بداياته بإطلاق ثلاثة صواريخ على بلدات إسرائيلية في جنوب فلسطين المحتلة. وكان لجيش الأمة مشاركة متواضعة إبان الحرب على غزة في 2008 / 2009 م، وعلى الرغم من تأكيده عدم استخدام العنف في التغيير داخل المجتمع، فإنه أعرب عن تطلعاته بتهديد المصالح الغربية حين أعلن في مؤتمر صحافي في سنة 2008 م، نيته استهداف الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن) في أثناء زيارة كان ينوي القيام بها للمنطقة 25.
3ـ مجموعة جلجلت:
اسم أطلقه الغزيون على مجموعات عسكرية تتبع نهج السلفية الجهادية، ويُعتبر محمود محمد طالب (أبو المعتصم) الناشط السابق في حركة حماس، أحد أهم قادتها.
يُعتقد أن جلجلت ظهرت إلى العلن في يونيو 2007، وتختلف التقديرات بشأن عدد عناصرها، وتشير بعض المصادر إلى أنها تضم ما لا يزيد عن 700 مقاتل. ويُعتقد أن جلجلت تواصلت مع أبو الليث الليبي أحد قادة القاعدة في أفغانستان، لكنها لم تنضم إليها ولا إلى أي من التنظيمات الأخرى.
4ـ سيوف الحق:
ظهرت هذه المجموعة بعد سيطرة حماس عسكريًّا على قطاع غزة في سنة 2007، ويقودها أبو صهيب المقدسي الذي ترك حركة حماس احتجاجًا على مشاركتها في الانتخابات التشريعية. وتركز وجود المجموعة في بيت حانون، وانخرطت في هجمات ضد مقاهي الإنترنت ومحال الموسيقى ومقر فضائية العربية وغيرها، وقد اتهمتها بعض المصادر بوقوفها في سنة 2007 وراء اغتيال مسئول الأمن الفلسطيني جاد تايه، بتهمة العمالة للموساد الإسرائيلي.
5- جحافل التوحيد:
جحافل التوحيد والجهاد في فلسطين هي عبارة عن مجموعة فلسطينية إسلامية سنية في قطاع غزة سيناء، وهي فرع القاعدة في غزة.
كان قد تم الإعلان عن إنشائها في 6 نوفمبر 2008، مع بلاغات تقسم فيها بالولاء للقاعدة، بعد أن "تلقت رسائل من أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.
وقد ظهرت مختلف أشكال مسميات "التوحيد والجهاد" فيما يتعلق بالتطورات في قطاع غزة. حجم المجموعة ليس معروفًا.
وكان الإرهابيون الذين شاركوا في تفجيرات دهب أبريل 2006، اعترفوا للسلطات المصرية بأنهم تلقوا تدريبًا في قطاع غزة وأنهم ينتمون إلى منظمة تدعى التوحيد والجهاد.
أبرز مؤسسي الجماعة ممتاز دغمش، الذي يطلق عليه لقب أبو محمد الأنصاري. هو عسكري فلسطيني سابق، كان يعمل في الأمن الوقائي الفلسطيني، ثم انضم إلى حركة حماس، وتركها بعد ذلك. ونُسب إليه تدريب وتسليح وتمويل عناصر أنصار بيت المقدس.
مليشيات الصابرين
في مايو 2014 ظهرت حركة "صابرين" لتكون أول حركة وجماعة شيعية في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، لتؤكد نجاح السياسة الإيرانية في اختراق النسيج الفلسطيني وخاصة بقطاع غزة تحت دعاوى المقاومة ورفع الحصار عن قطاع غزة.
وتتخذ حركة صابرين شعارا قريبا من شعار حزب الله اللبناني والذي يعتبر أيضا قريبا من شعار الحرس الثوري الإيراني، وتعتبر نفسها حركة فلسطينية مقاومة، ولكن هذه الحركة تشكل أيضًا تهديدًا لسيناء.
سعى الحرس الثورى الإيراني لإيجاد موطئ قدم له في سيناء، عن طريق دعم ميليشيا شيعية موالية له.
وكان قد أعلن قائد ميليشيا لواء أسد الله الغالب الشيعية، "عبد الله الشباني" عن تشكيله "لواء صابرون" لتحرير القدس!، والمساعدة في تحرير الجولان المحتل! احتذاء بمنافسه (أكرم الكعبي) الأمين العام لحركة النجباء العراقية، الذي أعلن مؤخرا عن تشكيل لواء وهمي لـ "تحرير الجولان".
وقال (الشباني) في بيان نشره "الإعلام الحربي" التابع للمليشيا: "بعض الأطراف الإسلامية العميلة والمتخاذلة تتنكر لحقوق الأمة الإسلامية في استرجاع المقدسات الإسلامية في فلسطين المحتلة وتحريرها من رجس الصهاينة الأنجاس وتعمل جاهدة لإلغاء هذه الحقوق أو طمسها فضلا عن محاولة دفع الأمة الإسلامية للانصياع والاستسلام".
وكشفت تقارير صحفية سابقة، عن تنقل المدعو "هشام سالم"، القيادي البارز في لواء الصابرين بين مصر وقطاع غزة، في خلال عام 2014، مستغلًا حالة الانفلات الأمني التي خلفها خلال حكم الإخوان، ونجح خلال تلك الفترة في تأسيس التنظيم الشيعي داخل سيناء.
عناصر القسام المنشقة
بعيدا عن هذه التشكيلات، تبرز في الواجهة أيضا القيادات المنشقة عن "كتائب القسام" والتي تدير دفتها تركيا وقطر، وبحسب مصادر داخل الجرك، اشتعلت الخلافات بعد النتائج التي أسفر عنها مؤتمر حماس الأخير، حيث صعد إلى قمة هرم الحركة إسماعيل هنية -رئيسًا للمكتب السياسي-، ويحيى السنوار -رئيسًا للحركة-، وكلاهما من قطاع غزة، مقابل خروج خالد مشعل، الذي تعود جذوره إلى بلدة سلواد شرق مدينة رام الله في الضفة الغربية، الأمر الذي تسبب في حالة تذمر واسعة في صفوف أعضاء وقيادات الحركة في الضفة، الذين باتوا يشكون علنًا من حالة تهميش الضفة، وإخضاع قرارات الحركة لمقتضيات واعتبارات «حماس» وسلطتها في القطاع.
أيضا التفاهمات التي توصل إليها السنوار مع كل من مصر والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، الأمر الذي عمق هوة الخلافات، حيث عارضت قيادة «حماس» في الدوحة والضفة هذه التفاهمات التي تم التوصل إليها في لحظة إقليمية حرجة ترافقت مع اندلاع أزمة الخليج الراهنة.
وأضافت المصادر أن قيادة «حماس» في العاصمة القطرية تخشى من تكرار ذات التجربة المريرة مع سوريا، حيث سارعت للانحياز إلى صف معارضة نظام بشار الأسد.
ووظفت قيادة «حماس» في الدوحة وبمساعدتها كل ما لديها لإعادة وصل ما انقطع بين الحركة وطهران والضاحية الجنوبية، كحركة اعتراضية على تفاهمات السنوار مع القاهرة ودحلان.
ولخدمة هدف تأجيج الخلافات استضافة الضاحية الجنوبية من بيروت معقل "حزب الله"، صالح العاروري القيادي والمطلوب رقم واحد لإسرائيل الذي تحمله مسئولية الجهاز العسكري التابع للحركة بالضفة الغربية، وتتهمه بالوقوف خلف عدة عمليات أبرزها خطف وقتل ثلاثة مستوطنين قرب مدينة الخليل قبل ثلاثة أعوام.
ولفتت المصادر إلى أن خروج العاروري نتيجة للضغوط الإسرائيلية من الدوحة مرورًا بأنقرة إلى أن انتهى به المطاف إلى الإقامة في الضاحية الجنوبية لبيروت، كان إشارة قوية على استعداد طهران للصفح عن خطأ «حماس» السوري ومد حبل النجاة لإنقاذها أو على أقل تقدير إنقاذ قيادتها المقيمة في قطر من الأزمة التي تكابدها نتيجة تحالفاتها وارتباطاتها الإقليمية.