أظهرت أحدث صور للقمر الصناعي "لاند سات"، حجز جزء من مياه النيل الأزرق أمام سد النهضة، مما أدى إلى تكوين بحيرة صغيرة بطول 10 كيلو مترات، وبعرض كيلو مترين، وبارتفاع 35 مترًا، بالإضافة إلى زيادة قليلة في عرض النهر، لتصل إجمالي كمية المياه أمام السد إلى حوالي 250 مليون متر مكعب.
صرح بذلك الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، قائلًا إن عرض الجزء الأوسط من جسم السد يبلغ حوالي 130 مترًا، وقد ازداد ارتفاعه قليلًا عن العام بحوالى10 أمتار، ليبلغ حوالى 40 مترًا، وهو ما أدى إلى زيادة كمية المياه المحجوزة أمام السد نسبيًا عن العام الماضي.
صورة ثلاثية الأبعاد للمتبقي من أعمال إنشاءات سد النهضة
وأوضح "شراقي" في تصريحات خاصة لـ"بوابة الأهرام"، أن الجزء الأوسط يقع بين جانبي السد، الذى وصل ارتفاعهما إلى حوالى 100 متر، ونظرًا لغزارة الأمطار في أشهر (يوليو - أغسطس - سبتمبر) التي تهطل في حوض النيل الأزرق، فإن مياه النيل الأزرق تفيض من أعلى الجزء الأوسط من جسم السد - لعدم اكتمال ارتفاعها- بالإضافة إلى جزء آخر من المياه يمر "كالمعتاد" من خلال الفتحات الأربعة السفلى الواقعة في الجانب الغربي من السد.
وأكد "شراقي" عدم إمكانية إقامة أي إنشاءات خراسانية في الجزء الأوسط طوال أشهر هطول الأمطار الثلاثة؛ نظرًا لعنفوان الفيضان، واندفاع المياه من أعلى هذا الجزء الأوسط الذي لم يكتمل.
وأشار إلى الاستمرار في أعمال تعلية باقي جسم السد؛ لأنها على مستويات أعلى من منسوب مياه الفيضان، قائلًا: "من هنا يتأكد عدم إمكانية تخزين مياه الفيضان هذا العام".
ولفت رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية، أن ذلك يعطي فرصة لكى تتوافق كل من (مصر - السودان - إثيوبيا) على إتمام دراسات سد النهضة، والتي كان محددًا لها 11 شهرًا لإتمامها، والتي كان من المقرر انتهائها في أغسطس 2017، إلا أن تعثر المفاوضات حول سد النهضة حال دون إتمام أي شيء يذكر من الدراسات حتى الآن.
وقال "شراقي": "خير فعلت إثيوبيا"، في إشارة إلى عدم الانتهاء من إغلاق الجزء الأوسط من السد بنفس ارتفاع الجانبين خلال العامين الماضيين، مؤكدًا أنه كان في استطاعتها ذلك، خاصة وأنه جزء خرساني مصمت، لا يوجد به فتحات أو توربينات أو أعمال هندسية معقدة، وأرجع ذلك، إلى أسباب فنية -على الأرجح- حتى يتم تعلية جسم السد بأكبر قدر ممكن، ليصل إلى الارتفاع المطلوب البالغ 145 مترًا دون وجود عائق مائي نتيجة تخزين المياه أمام السد.
ويرى رئيس قسم الموارد الطبيعية، أن عدم إغلاق إثيوبيا للجزء الأوسط من السد، وعدم تخزين المياه خلال العامين الماضيين، قد يكون بسبب عدم رغبة أديس أبابا في زيادة التوتر والاحتقان مع مصر في هذه المرحلة؛ لأن التخزين قبل الاتفاق على عدد سنوات الملء، أو انتهاء الدراسات، يعنى عدم جدوى المفاوضات، وإلغاء ونسف اتفاق مبادئ سد النهضة، الذي ينص في أحد بنوده على التعاون في الملء الأول وإدارة السد.
وذكر "شراقي" في تصريحاته لـ"بوابة الأهرام"، أن متوسط ارتفاع السد - ماعدا الجزء الأوسط- بلغ حوالى 100 متر، ويتبقى 45 مترًا لاكتماله، بالإضافة إلى الجزء الأوسط، وممر لتدفق المياه غرب السد الرئيس، والانتهاء من السد المُكمل الذى يبعد 5 كم عن السد الرئيسي، ويبلغ طوله 5 كم، وارتفاعه 50 مترًا، وهو سد ركامي صخري تغلفه الخرسانة، وهو ما يساعد على زيادة سعة خزان سد النهضة إلى 74 مليار م3.
وتوقع رئيس قسم الموارد الطبيعية، أن تبدأ إثيوبيا افتتاح المرحلة الأولى العام القادم، موصيًا بأنه حتى العام القادم يجب على مصر تكثيف جهدها للاتفاق على تنفيذ الدراسات الفنية، وتحديد آلية التعاون في الملء الأول بأسرع وقت، دون انتظار الانتهاء من الدراسات، التي سوف تستغرق عامًا على الأقل إذا بدأت الآن.
وأوصى كذلك بضرورة استئناف المفاوضات مع دول حوض النيل؛ للتوافق حول النقاط الخلافية في اتفاقية عنتيبى، والتي بدأت في قمة رؤساء دول حوض النيل بأوغندا الشهر الماضي.
وحول كمية المياه بالبحيرة المؤقتة التي ظهرت بسبب الفيضان أمام سد النهضة، أكد "شراقي" في تصريحاته لـ"بوابة الأهرام"، أنها كمية بسيطة مقارنة بالسعة التخزينية التي أعلنت عنها إثيوبيا لبحيرة السد، لافتا إلى أن كمية المياه بالبحيرة والبالغة 250 مليون م3 تقريبًا غير مؤثرة على مصر، ومشيرًا إلى أن مصر تصرف في مواسم الري من خلف السد العالي ما يتساوى مع هذه الكمية وقد تزداد قليلًا.
وعن قدرة إثيوبيا على توليد الكهرباء من التوربينين المنخفضين بجسم السد، باستغلال كمية المياه الموجودة بالبحيرة المؤقتة حاليًا، قال "شراقي"، تستطيع إثيوبيا تشغيلهما، ولكنهما لن يعملا بكامل طاقتهما، لافتا إلى أن تشغيلهما حاليًا سيعد بمثابة تشجيع معنوي من الحكومة الإثيوبية لمواطنيها.
يذكر أنه كان محددًا الانتهاء من بناء سد النهضة الإثيوبي بحسب الجدول الزمني في شهر أغسطس القادم، وأن تشغيل أول توربينين بجسد السد كان مقررًا لهما صيف 2014.