7 قواعد مهمة حددت تعامل الشرطة مع المجانين الذين كان يطلق عليهم اسم "المجاذيب" قبل إيداعهم مستشفى العباسية منذ 111 سنة مضت. وتقول الوثائق النادرة،  إنه يمنع نقل الشخص المصاب بالجنون إلى مستشفي المجاذيب بمصر "القاهرة" إلا بطلب من المحافظ أو المدير، بعد الحصول على شهادة طبيبين قانونين تثبت جنونه.

وتأسست مستشفى المجاذيب التي يطلق عليها "السرايا الصفرا" في قصر عباس الأول بعد اغتياله على يد عبيده الذين أصيبوا بالجنون، وفي عام 1883، وبعد الاحتلال الإنجليزي بعام واحد في عهد الخديو توفيق، شب حريق ضخم في المبنى فالتهمته النيران وأتت عليه تمامًا إلا مبنى صغير من طابقين تم طلاؤهما باللون الأصفر، وكانت هذه بداية التسمية بالسرايا الصفراء.

وقال قانون الشرطة في مصر عام 1906م بأن في المراكز في المحافظات يصدر المأمور الأمر المشار إليه في اصطحاب المجنون للمستشفى وإن لم يتيسر الحصول على طبيبين للتوقيع عليىالشهادة فيكتفى بالتوقيع عليها من مفتش الصحة بالمركز، وإن اشتبه في تشخيص حالة الشخص فيقتضي ذلك إرساله إلى أقرب مستشفى لإعادة فحصه، ومن هناك يرسل إلى مستشفى المجاذيب بالقاهرة، في حالة أقر بأنه مصاب بالجنون.

يرسل الشخص المجذوب بحرس مخصوص وليس برفقة المسجونين الاعتياديين الذين يكونون تحت تحفظ القرة قول "أقسام الشرطة" ويقتضي الأمر إبلاغ محافظة مصر "القاهرة" تلغرافيا عن ساعة وتاريخ وصول الشخص المجذوب إلى مصر، كما ينبغي اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتسفير الشخص في القطارات التي تصل محطة مصر نهارًا، وإذا لم ترسل العربة المخصصة من المحافظة لنقله فيجب تأجير عربة ركوب من المحطة، ولايسوغ مطلقا ركوب الشخص المجذوب في عربات الترام أو سيره علي الأقدام إلى مستشفى المجاذيب.

ينص القانون على أنه قبل إرسال المجذوب إلى المستشفيات أو إلى مستشفى المجاذيب ينبغي تفتيشه بواسطة المأمور، أو من ينوب عنه، وإذا وجد معه أشياء خطرة كالسكاكين أو الزجاج أو السموم فتؤخذ منه وترسل صحبة الحرس إلى مدير المستشفى. كما يحرر كشف ببيان كافة الأشياء التي تقع بحوذة المريض بما فيها الأدوات السابق ذكرها، ويرسل هذا الكشف أيضًا مع المريض إلى مدير المستشفى، ولا يوضع الحديد في يديه عند نقله من مكان إلى آخر تحت تحفظ البوليس، أما إن كان هائجًا ومن الضروري أن يقيد فيستعمل لذلك القيد المخصوص الموجود لدى مفتش مصلحة الصحة بالمراكز والمحافظات.

والشخص الذي يثبت طبيًا أنه مجنون ويتطلب ذلك ترحيله إلى مستشفى المجاذيب العباسية، ينبغي أن يرسل إلى المستشفى من المركز مباشرة بعد استيفاء الشهادة الطبية التي تثبت أنه مجذوب، أما في حالة الاشتباه في تشخيص الداء، وإذا كان الشخص مصابًا بمرض معد أو كانت صحته الجسدية لا تساعد على نقله إلى مستشفى المجاذيب فينبغي إرساله إلى المستشفى المحلي لملاحظته، وكل شخص يرسل من هذا القبيل من المركز إلى المستشفي المحلي يجب أن يصحب بـ"أورنيك مصلحة الصحة نمرة 39".

عندما يتراءى وجوب نقل الشخص المجذوب من المستشفى المحلي إلى مستشفي المجاذيب ينبغي أن يبقى في مكانه حتى ينتهي المركز من إجراء الترتيبات اللازمة لنقله، وحينئذ ينقل رأسًا إلى مستشفى المجاذيب بعد أن تكون الشهادة الطبية التي تثبت أنه مجذوب قد حررت، ويرفق بهذه الشهادة أورنيك مصلحة الصحة نمرة 39، الذي أدخل الشخص بموجبه للمستشفى المحلي.

وألزم القانون أفراد الشرطة أنه عند توصيل الشخص المجذوب إلى مستشفى المجاذيب ينبغي على حرس البوليس أن يستخرج مذكرة كتابية من الطبيب النوبتجي تفيد بدخول الشخص إلى المستشفى وقبوله فيه.

كما قال القانون في صحيفة 30، ويعد بند 135 "ب" إرشادات مهمة منها، إنه عندما يراد إخراج أشخاص ممن هم تحت المراقبة في مستشفى المجاذيب تطلب إدارة المستشفى إستدعاء بعض أقارب الشخص لمرافقته إلى بلده، مع ملاحظة استدعاء أنثي أو محرم بالنسبة لكل من الإناث، وفي حالة عدم مقدرة الأقارب على نفقات السفر يكون سفرهم على حساب الحكومة، وينبغي إخطار إدارة المستشفى بمن يطلب الحضور من أقارب المريض، وعما إذا كانت نفقة السفر عليهم أو على الحكومة، وعند ضرورة نقل مريضة إلى مستشفى المجاذيب بالعباسية أو إلى أية جهة أخرى يجب أن ترافقها أنثى من ذوي أقاربها، وإذا تعذر ذلك فيرافقها محرم من أقاربها الرجال.

يقول الباحث التاريخي أحمد حزين الشقيري عن ميزانية مستشفي الأمراض العقلية والنفسية بالعباسية والخانكة في عام 1922م، أي بعد مرور 17 سنة على إصدار قانون الشرطة في كيفية معاملة المجانين، إن القانون حدد أن مبلغ 36 جنيهًا هو مرتب 4 مستخدمين من هيئة ملاحظي المستشفى، كما حددت الميزانية أن مبلغ 72 جنيهًا هو مرتب 4 رئيسات ممرضات، فيما كان مرتب 4 أطباء بمستشفي الخانكة يقدر بـ120 جنيهًا.