شهدت مصر في الآونة الأخيرة ظاهرة غربية، وهى إطلاق العديد من الشائعات في مختلف جوانب الحياة، وانتشارها كالنار كالهشيم في شتى ربوع الوطن، ومن قوة انتشارها يتعامل معها البعض على أنها حقائق مطلقة، دون البحث في مدى صحتها أو التحقق من دقتها.

ويتبع انتشار الشائعات، موجة من السخرية وإثارة الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمثلت آخرها، فيما تم تداوله خلال الساعات الماضية، حول التجنيد الإجباري للفتيات، وتعامل معه البعض أنه بمثابة الزام لدخولهن الجيش.

وجاء الحديث حول هذا الموضوع والتجاوب معه، بعد قرار وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، بتكليف الإناث من خريجي الجامعات والمعاهد العليا دور ثان 2016، والذكور من قرر إعفائهم من الخدمة العسكرية، اعتبارًا من 11 يناير المقبل، بما يعنى أنه ليس تجنيدًا إجباريًا للفتيات، ولكنها خدمة عامة ومدنية وليست عسكرية، كما روج وسخر منها الكثيرون.

وسبقها شائعة زيادة رسوم الزواج، وإلزام العريس بدفع  7 آلاف جنيه للعريس و5 آلاف جنيه للعروسة، عند القيام بعقد القران لكل منهما، بداية من يناير الجاري، وتفاعل معها المواطنين، وأثارت ضجة واسعة واستياء فئات الشباب.  

 وهو ما نفته الحكومة، مؤكدة أن الرسوم المقررة للزواج كما هي، وأن الرسوم المقررة حاليًا منصوص عليها بالقانون رقم 91 لسنة 1944، والذي حدد فرض نسبة 1.5% على أول 100 جنيه من المهر أو الصداق المسمى، وفرض نسبة 2% على ما يزيد على 100 جنيه.

وأرجع خبراء الاجتماع، انتشار الشائعات في المجتمع المصري بهذا الشكل والتجاوب معها، إلى 5أسباب، هما غياب الوعي، مواقع التواصل الاجتماعي، عدم وجود جبهة للرد على الشائعات، أهمية الموضوع ومحاولة استغلالها سياسيًا واجتماعيًا.

الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس، قالت إن «السوشيال ميديا»، هي السبب وراء انتشار الشائعات بسرعة البرق، بسبب اعتماد الشباب، الذين تصل نسبتهم في المجتمع بنحو 60%، عليها.

وتابعت في تصريحات خاصة لـ "بوابة الوفد"، أن أي شخص يمكنه كتابة أي شيء على مواقع التواصل الاجتماعي وينقله عنه الكثيرون دون التحقق من مصداقيته، موضحة أن عدم وجود جبهة أو مؤسسة مختصة في الرد على هذه الشائعات، وراء تداولها على نطاق واسع.

وأكدت خضر، على ضرورة وجود جبهة تكون مهمتها توضيح الحقائق أول بأول، والرد على شائعة بقوة وإيجاز وفي أسرع وقت ممكن، لقتلها في مهدها، كما كان يحدث في وقت سابق، مشيرة إلى أنه كان هناك برنامج على إذاعة صوت العرب اسمه «شائعات تواجهها حقائق»، كانت تلك هي مهمته.

ورأى الدكتور عبد الحميد زيد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الفيوم ووكيل نقابة الاجتماعيين، أنه كلما كان موضوع الشائعة مهم كلما انتشرت بشكل سريع، أي أن قوة انتشارها يساوي أهميتها في الغموض.

وقال في تصريحات لـ "الوفد"، إن الشائعات موجودة في العالم كله، ولكن تزيد نسبتها في مصر بسبب ضعف الوعي والفهم والإدراك داخل المجتمع، وهو ما يجعله بيئة خصبة لانتشار الشائعات.

وأشار زيد، إلى أنه من ضمن أسباب انتشارها، هو محاولة استغلالها للاستقطاب سياسيًا واجتماعيًا، وبالتالي فإن بعض الجماعات تقوم بترويج الشائعات، لأنها تهدف إلى هدم مؤسسات الدولة القائمة، للتشكيك فيما وصلت له أجهزة الدولة.  

وأوضح، أن مواجهة الشائعات في مصر يحتاج إلى أن تتبع مؤسسات الدولة  منهج الشفافية والوضوح وشرح القرارات وتسويقها قبل الإقدام عليها، إضافة إلى قيام مؤسسات المجتمع المدني بزيادة درجة الوعي.