حالة من الغضب تفاقمت داخل جامعات مصر مؤخرًا، بعدما فوجىء طلاب جامعات "حلوان، عين ‏شمس، القاهرة"، بزيادة كبيرة على المصروفات الجامعية للعالم الدراسي الحالي، لكل الطلاب الجُدد ‏والقدامي بجميع الكليات، دون وضوح سبب الزيادة أو المسؤل عنها، في الوقت الذي لم تصدر فيه وزارة ‏التعليم العالي بيانًا رسميًا بذلك.‏

‏"غضب على الفيس بوك"‏

البداية كانت مع الطلاب، الذين آثاروا مناقشات حادة على المجموعات الخاصة بكلياتهم - (جروبات) - بمواقع ‏التواصل الإجتماعي "فيس بوك"، وتداولت معظم الفرق بجامعة حلوان منشورًا لطالبة في كلية الآداب ‏بجامعة حلوان، تعنف فيه وزارة التعليم العالي بسبب إقرار الزيادة، وآثارت حولها تساؤلات عدة.‏

و قالت الطالبة في منشورها: "يعني إيه المصاريف غليت من 237 لـ426 في شهرين، يعني ‏إيه الناس اللي لحقت دفعت المصاريف أول السنة نجت وإحنا عشان ملحقناش نلبس، يعني إيه المصاريف ‏تنزل أول الترم حاجة ويومين وتغلى قال إيه علشان الأسعار غليت!".‏

وانهالت عليها تعليقات غاضبة من الطلاب بسبب القرار، بل ودعا بعضهم للتوجه إلى مكتب عميدة الكلية ‏الدكتورة "سهير عبدالسلام"، للاستفسار والشكوى من الزيادة المفاجئة، مؤكدين أن دفع المصروفات مطلع ‏العام ولن يتم تطبيق الزيادة عليه بأثر رجعي.‏

واستدعى بعض الطلاب، واقعة تظاهر طلاب الجامعة الأمريكية خلال مطلع العام الحالي بسبب زيادة ‏مصروفاتهم الجامعية، وتدخل وزير التعليم العالي الدكتور "أشرف الشيحي"، ووعد مسؤولي الجامعة ‏بإلغاء الزيادة المالية.‏

وطالبت إحدى طالبات الفرقة الرابعة بكلية الآداب قسم إعلام، الدكتور "نائلة عمارة" رئيس القسم بالتدخل ‏لإلغاء الزيادة المقررة، بدعوى أن هناك طلاب كثيرون لا يستطيعون دفعها، وكانت المفاجئة الكبرى في ‏تعليقات الطلاب.

إذا أكدت إحداهم وتدعى "سارة" طالبة كلية الآداب قسم علم نفس بجامعة عين شمس، ‏أن مصاريف طلاب الانتساب وصلت إلى 500 جنيه وفي بعض الأقسام وصلت إلى 1000 جنيه، وردت ‏أخرى بإنها مصروفاتها وصلت إلى 2000 جنيهًا.‏

‏"طلاب بجامعة حلوان"‏
ورصدت "الدستور" الغضب الطلابي عن قرب، من خلال استطلاع آراء الطلاب، إذا أكدت طالبة الفرقة ‏الأولى بقسم الجغرافيا في كلية الآداب جامعة حلوان، أن مصروفات الطلاب المنتظمين زادت نحو 200 ‏جنيهًا، والمنتسبين وصلت إلى 700 جنيهًا.‏

وقالت إحداهن أن شؤون الكلية أكدت لهم على أن أساتذة الجامعة عقدوا إتفاقا مع الجامعة بزيادة ‏المصروفات مقابل إعطاء الطلاب الكتب مجانية، بدعوى أنه لا أحد يشتريها، مؤكدة أن المصروفات ‏زادت ودفعوا مصاريف للكتب ولم يستلموها مجانية.‏

وقالت "رضوي عبدالحكيم نبوي"، طالبة حقوق انتساب بجامعة القاهرة، أن مصروفاتها كانت 472 جنيهًا ‏ولكنها وصلت إلى 600 جنيهًا، وأعربت "هديل محمد"، طالبة بالفرقة الثالثة بكلية آداب قسم علم اجتماع ‏جامعة "القاهرة" عن غضبها من زيادة المصروفات لهذا العام الضعف، بعدما كانت 220 جنيهًا ووصلت ‏إلى 465 جنيهًا.‏

‏"تضارب التعليم"‏ 
وبالبحث لم نعثر على أي بيان رسمي من وزارة التعليم العالي يؤكد أو ينفي قرار زيادة المصروفات، ‏سوى أن الوزير "الشيحي" صرح بتاريخ 30 سبتمبر الماضي، بإنه لا زيادة في مصروفات الجامعات ‏الحكومية، وأن الجامعات الخاصة ملزمة بالنسبة المقررة من المجلس الأعلى للجامعات وهي 5%، مشيرًا ‏إلى أن هناك لجنة متخصصة ومستشارين يعملون على مراجعة عمل الجامعات.‏

إلا أنه عاد ليؤكد بتاريخ 22 نوفمبر الجاري، في تصريح آخر، إن زيادة المصروفات أمر ضروري ‏للجامعات كلها لاستكمال مسيرتها، بدعوى أنها تزيد نفقاتها يومًا عن يوم والتعليم سيظل مجاني وسيقدم ‏على أعلى مستوي داخل مصر.‏

جاء ذلك خلال لقاءً مفتوحًا عقدته جامعة عين شمس، اليوم، عبر ورشة العمل للحوار المجتمع لتطوير ‏التعليم، التقى خلالها "الشيحي" طلاب الجامعة، والشباب الباحثين من معاوني أعضاء هيئة التدريس.‏

‏"شؤون الطلبة"‏
وفي جامعة حلوان، أكد مكتب شؤون الطلاب لكلية الآداب، أن زيادة المصروفات هو قرار من وزارة ‏المالية بالإتفاق مع التعليم العالي، لكل الجامعات المصرية، من أجل استخراج شهادة التخرج في نهاية ‏الأعوام الدراسية بالجامعة.‏

وأوضح أن الزيادة خصت الشهادة الأصلية للتخرج، فقد كانت الأعوام الماضية بـ75 جنيهًا وستصل العام ‏الحالي إلى 200 جنيهًا، إلى جانب الشهادتين المؤقتتين التي زادت أسعارها من 35 جنيهًا إلى 122 ‏جنيهًا.‏

وبين أن تلك الرسوم الجديدة لا تنطبق على الأعوام الماضية، ولكنها تطبق على العام الحالي فقط، مشيرًا ‏إلى ان الطلاب الذين دفعوا رسوم المصاريف مطلع العام الحالي قبل الزيادة سيقومون بدفعها مثل باقي ‏زملائهم وقت إخلاء الطرف واستخراج الشهادات.‏

ونفى وجود علاقة بين زيادة المصروفات وكتب الأساتذة بالجامعات، وأن القرار سيخص جميع الفرق من ‏الأولى حتى الرابعة، ومن الممكن أن تستمر في الزيادة خلال الأعوام المقبلة.‏

‏"مكتب العميد"‏
وهو نفس الأمر الذي أكده مكتب عميدة كلية الآداب بالجامعة، بأن الزيادة أقرتها وزارتي المالية والتعليم ‏العالي في كل الجامعات، بسبب وجود مباني في الجامعة تحت الإنشاء، يتم تحصيلها من الزيادة والفرق ‏الناتج من المصاريف القديمة والجديدة، لافتة إلى أن جامعة القاهرة أصبحت تفرض رسوم على كل شيء ‏كان مجاني في السابق بسبب زيادة الأسعار والمصروفات.‏

ونفت أن تكون الزيادة مقررة من رئيس جامعة حلوان فقط بشكل خاص أو من المجلس الأعلى للجامعات، ‏بدعوى أن هناك مفتش مالي ترسله هيئة التنظيم والإدارة كل فترة لمتابعة كل مصروفات ومدخلات ‏الجامعة ولا نستطيع فرض رسوم دون علم وزارة التعليم العالي. ‏

ولفتت إلى أن أسر الشباب تقوم بعمل تكافل اجتماعي للطلاب المحتاجين وتقوم بتخفيض المصروفات ‏عنها وكذلك الكتب، التي من المفترض طرح الأساتذة لها داخل السوق الريادي بالجامعة بأسعار مخفضة ‏إلا أنهم يطرحونها في المكاتب بأسعار أعلى كنوع من المتجارة بالعلم.‏

‏"قطاع التعليم العالي"‏

المفاجأة الحقيقة كانت في حديث "الدستور" مع المتحدث الإعلامي باسم وزارة التعليم العالي المستشار ‏‏"محمد حجازي"، الذي نفى جملة وتفصيلًا إقرار وزارته أي رسوم أو زيادات إضافية للمصروفات الجامعية ‏الخاصة بالعام الحالي لكل الجامعات الحكومية.‏

وأوضح أن الوزارة لم تصدر أي قرار أو بيان رسمي يفيد بزيادة المصروفات، سوى أنها أوصت فقط ‏الجامعات في بداية العالم بعد الضغط المادي على الطلاب، تنفيذًا لمجانية التعليم، مبينًا أن زيادة ‏المصروفات للضعف يتنافى مع مجانية التعليم.‏

وأشار إلى أن القرار قد يكون من قبل رؤساء الجامعات، أو المجالس العليا لها، وأن الوزارة لا تعلم شيء ‏عن القرار، لأن رئيس الجامعة يعتبر وزير في منصبه، مشددًا على أنه سيبحث الزيادة مع وزير التعليم ‏العالي ويصدروا بيانًا رسميًا بشأنها.‏