فيما تبدو خطوة أولية لتقسيم دولة العراق إلى أقليم سبع، تدفع إليها دولاً في المنطقة على وقع تحرير مدينة الموصل السنية، ينشغل الوسط السياسي العراقي بمناقشة تداعيات ما بعد تحرير الموصل، التي سيسمح تحريها من سيطرت تنظيم "الدولة" المعروف بـ"داعش"، إذ تكمن أهمية مدينة الموصل في كونها أكبر المدن سنية في العراق وان تحريرها يعني نسبياً انتهاء الوجود الداعشي في العراق. وحاولت تركيا منذ بداية عملية تحرير مدينة الموصل وضع نفسها في صدارة المشاركين في عملية التحرير، خاصة أن تركيا تتواجد بشكل غير قانوني في قاعدة بعشيقة شمال العراق، تحت مزاعم أن الموصل امتداد لأمن تركيا  القومي، وأن مشاركتها أساسية في المعركة للحفاظ على القوى السنية بها.  وأصدرت العديد من المنظمات والهيئة الدولية تقارير تُحذر من أي ممارسات طائفية من قبل قوات الحشد الشعبي الشيعية، خاصة أن تلك القوات مارست أعمال قتل طائفية في مدن يغلب عليها المنتمين للمذهب السني، لذلك ترىتركيا ودول إقليمية آخرى أن هذا هو السبب الرئيس في المشاركة في عملية تحرير الموصل.     وتشكيل أقاليم جديدة، أو منح المحافظات المزيد من الصلاحيات، مصلح يروج له الراغبون في تقسيم العراق، في حين تدعم القاهرة بقوة وحدة العراق وترفض أي تقسيم لها حتى وإن كان فيدرالياً. واعتبر البعض أن الخطوة التي عبرعنها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، والمتمثلة في رفضه انسحاب "البيشمركة" من المناطق المحررة في نينوى، تعزيز لفكرة الأقاليم السبع، وأفادت مصادر مطلعة تحدثت لجريدة "الحياة" بأن رجل الأعمال خميس الخنجر يجري اتصالات مع مسؤولين وزعماء سياسيين لتسوية ملفات قادة سنّة صدرت بحقهم أحكام قضائية، مثل طارق الهاشمي ورافع العيساوي وأثيل النجيفي في إطار ما بات يعرف بـ"التسوية التاريخية". وفيما يبدو أن الأمم المتحدة هي الأخرى تساهم فيما يُعرف بـ"التسوية التاريخية"، حيث أفادت مصادر ان الأوساط السياسية بدأت الإعداد للتسوية بعد "داعش" بإشراف بعثة الأمم المتحدة، ويتقدم فريق صوغ التسوية زعيم "التحالف الوطني" السني عمار الحكيم، وأشارت تقارير نشرتها وسائل إعلام أن الحوارات التي تدور في الوقت الحالي حول قضيتين عالقتين: الأولى تتعلق بآلية تحول محافظة أو أكثر إلى إقليم أو الإبقاء على التنظيم الحالي بعد توسيع قانون المحافظات، أما القضية الثانية فهي تسوية الملفات القضائية لقادة سنة، بعضهم معتقل.  في الموضوع الأول، تقول المصادر إن سيناريو "الأقاليم السبعة" يتقدم النقاش، وهو ينص على تشكيل سبعة أقاليم، اثنان في المناطق الكردية، يضم الأول كردستان الحالية، ويضم الثاني كركوك وديالى، أو تقسيم الإقليم الحالي إلى فيديراليتين تضم الأولى كركوك والسليمانية، والثانية أربيل ودهوك، لكن بارزاني يرفض هذا الطرح. ويطرح قادة سنة فكرة تشكيل إقليمين سنيين في الشمال والغرب يضمان الموصل من جهة وصلاح الدين والأنبار من جهة ثانية، بالإضافة إلى ثلاثة أقاليم شيعية تشمل الجنوب والفرات الأوسط وجنوب بغداد وشرقها، يقابل هذا التصور طرح آخر يقضي بتحويل كل محافظة إلى إقليم، أو تشكيل ثلاثة أقاليم سنية وشيعية وكردية، وهدفه جمع محافظة غنية بالموارد مع محافظة بموارد أقل.  وهناك عوائق كبيرة تقف أمام كل هذه التصورات، بينها ما يتعلق بعدم الانسجام بين المدن المقترح ضمها في إقليم، وتمسك المحافظة الغنية مثل البصرة بالتحول إلى إقليم، بالإضافة إلى إشكالات تتعلق بمستقبل الموصل في حال تم تقسيمها إلى محافظات جديدة. من جهة أخرى، أُجريت خلال الأسابيع الماضية سلسلة اتصالات لتسوية ملفات القادة السنة القضائية، ما يعني أن تسوية ما قد تحدث في العراق خلال الأيام المقبلة، ومن بين الشخصيات السنية التي تسعى اللجنة إلى تسوية ملفها القضائي، رافع العيساوي وطارق الهاشمي وأحمد العلواني، بالإضافة الى أثيل النجيفي الذي صدرت في حقه أخيراً مذكرة اعتقال بتهمة التخابر مع تركيا، وآخرين في هيئة علماء المسلمين. يقود هذه المفاوضات خميس الخنجر، وهو رجل أعمال سني معروف، سبق أن دعم القائمة "العراقية" في انتخابات 2010، وهو بدوره كان مدرجاً على قائمة المطلوبين وتمت تسوية ملفه.  في هذا الوقت، جاء في بيان لرئاسة إقليم كردستان، أن "بعض وسائل الإعلام العربية أشارت خطأً إلى فقرة (في خطاب بارزاني أول من أمس) تتعلق بسحب أو إبقاء قوات البيشمركة من أو في المناطق المحررة"، وأوضح أن "الخطاب كان بالكردية ترجمت منه جمل معينة في بعض وسائل الإعلام العربية بصورة خاطئة أدت إلى خروج هذه الجمل من سياقاتها ومضمونها"، مضيفاً أن "بارزاني يؤكد في مجمل خطابه التزام الإقليم بأي اتفاق مبرم بهذا الخصوص، ونص الترجمة الرسمية للخطاب منشور على موقع الرئاسة". وكان مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي رد على تصريحات بارزاني عن رفضه الانسحاب من المناطق المحررة، بتأكيد أن الاتفاق بين بغداد وأربيل فيه بند صريح ينص على انسحاب "البيشمركة" من المناطق المحررة إلى أماكنها السابقة.