وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لهمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا
هذا المقال قد يكون تأخر كثيرا ولكنه في نفسي حكاية ومصدر لمعظم مواقفي ليس سياسيا ولا ثقافي بل أسريا...يعديني.لكي اكون ولو شئ قليل من أب رحل ولم ترحل مواقفه ....ومن الاسرة والتربية تتكون الشخصية ..لا تستغربوا من مواقف البعض ..ليس هم مصدر كل مواقفهم ..بل التربية والقدوة هي من تشكل الرجال ..وتثقل الشخصية بصفات لا تكتسب من التعليم الأكاديم.ي
والدي رحمة الله عليه توفي وانا ابلغ من العمر ثماني سنوات..رجل كان مكافح عصامي ..مكافح ....كريم ..لا يخشي احدا الا الله..يقف بجوار كل مظلوم ...لا يعجبه الحال المايل...نشيط ..ذو هيبة ..كل هذه الصفات لم أصفه انا بها ...لان الرجل يدفن ولا تدفن سيرته..بل عرفتها ممن عاصروه وعرفوه ووجدوه معهم في أوقات الشدائد التي ألمت بهم ...واشهد الله انني ما جالست أحدا الا وذكر لي هذه الصفات فيه..ومنها تربيت انا وإخوتي عليها ..مواقف ابي وكلماته التي عاصرتها لا أنساها لانها كبيرة ومفيدة ..أب مثل الآباء الذين يعملون في ارضهم وأعمالهم الخاصة مكافحون ..طبعهم صعيدي ....يستيقظ صباحا ثم يوقظنا جميعا معه ..نفعل كما يفعل او يطلب منا ...نذهب انا وإخوتي معه لاعمال الزراعةً قبل طلوع الشمس ......نعود الي المنزل "بعد طلوع الشمس ..ونستعد نحن لوجبة إفطارنا الوحيدة الاسرية ..أما الغداء والعشاء فيفتح دواره وينتظر ضيفا او عابر سببيلا ليتناول معه الغداء..او العشاء في معظم أيامه كذلك مضيافا كريما ..ذو هيبة وقوة علي كل صاحب خطأ او نقيصة ...كم كنت اري الكثير يهاب صوت سيارته...استغرب لماذا هذا الخوف الذي يسببه لكل من يكّون في امر غير سوي..وعرفت حين كبرت أن الخطأ يحتاج الي قوة لتعديل المسار...ربما احترمه كثيرا من قسي عليهم ...لانهم عرفوا قيمته بعد رحيله...فقدناه نحن في سن صغير وهو شاب في الأربعينات من عمره...ولكنه بقيمة رجل كبير بلغ من العمر مايسمح له لان يذكره كل من عرفه بمواقف اكبر من عمره وخبرات تجعله ثاقب الرؤية وصاحب اجمل ...رحل والدي بعد رحلة مرض لم تتعد الايام القلائل ...بعدما كان اخر أمنية له رؤيتي الا انها لم تتحقق له...ونطق الشهادة ورحل الي الرفيق الاعلي.
رحلة الآباء وسيرتهم اكبر إرث يمكن أن يورثونه لابنائهم ..فما اجمل أن يقال لك رحم الله ابوك...صاحب المواقف ...ويذكر لك بعض من المواقف الجميلة والعظيمة
التي تتصف بالشهامة في مساعدة ...أو حل مشكلة ...او جلب حق ...تشعر ان من يقص لك هو ابيك يربيك بمواقفه ...وهو في قبره..يعلمك كيف تكون وماذا يجب ان تقدم ...تقدم الخير ..تنصر الضعيف...وتعين المظلوم لأخذ حقه...لا تنكسر...مهما كان الامر..لا تنتظر جزاء من احد ...بل انصر الحق لانه حق...هذا هو ابي الذي رباني بعد موته....رحم الله الأب والقدوة وجعل قبره روضة من رياض الجنة ...وتجاوز عنه
واسف لعرض مقال شخصي ولكن هذا مقال برا بوالدي كان لابد وان اكتبه...ورسالة لكل الآباء حافظوا علي صورتكم امام أبناءكم لانهم سيتأثرون بمواقفكم سواء في حياتكم او بعد مماتكم بعد عمرا طويل ...إن شاء الله ...بارك الله لكم في اعماركم وفي اولادكم ورحم آبائكم