استبعد الدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية أن تصل محاولات الولايات المتحدة أو إسرائيل لتغيير النظام السياسي في مصر بما يحقق مصالحهما‏,‏ إلي حد التدخل العسكري أو استخدام الورقة الاقتصادية.

وقال- في الجزء الثاني والأخير من حواره إنه لا يخاف علي مصر, مرجعا مخاوف المصريين في هذا الشأن إلي فقدان الثقة في النفس بعد أن تحولت مصر إلي دولة مهمشة وسقطت في قاع المعدلات العالمية للدول الفاشلة والفساد والتنمية الإنسانية والمنافسة الاقتصادية.

ورأي أن العالم يريد أن تعود مصر نموذجا للاعتدال والحداثة في المنطقة, لمنع تطور الانفجارات ومحاولات التغيير الثوري والتطرف, بعد أن بات نصف العالم العربي في حالة حرب أهلية, الأمر الذي سيفتح الباب لتدفق الاستثمارات والمساعدات الاقتصادية علي مصر فيما نجحنا في وضعها علي الطريق الصحيح.

وحدد البرادعي إطارا للأمن القومي المصري يقوم علي4 قواعد هي, بناء قوة مصر الناعمة, وتعظيم الفضاء الحيوي لمصر ليمتد من المحاور الثلاثة التقليدية( العالم العربي والإسلامي وإفريقيا), إلي الاتحاد الأوروبي( غرب وشرق أوروبا وجنوب المتوسط) والاقتصاديات الصاعدة( جنوب إفريقيا والبرازيل والهند), وتحديد مصالح مصر القومية التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان, ورؤية لخطوط الأمن القومي الحمراء, وجيش قوي قادر علي مواجهة التحديات المعاصرة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة والحروب الأهلية.

وقال لو نجحت مصر في قيادة العالم العربي المتهالك لبناء قوته الناعمة, فإن إسرائيل ستصبح في مثل موقع لوكسمبورج في الاتحاد الأوروبي.

وأشار إلي أن الإطار العام لبرنامجه الانتخابي يعتمد في المدي القريب علي إعادة توزيع الدخل لتخصيص نسبة أكبر للتعليم والصحة واستصدار قوانين توفر حلولا سريعة لمشكلات الشعب الذي يعيش نصفه تحت خط الفقر, وعلي المدي المتوسط زيادة حجم الدخل القومي عن طريق زيادة الاستثمار في مجال الصناعة كثيفة العمالة والتعاونيات الزراعية الكبيرة, مع ربط كل قطاعات النمو الاقتصادي والاجتماعي ببعضها, وفقا لبرنامج شامل وجدول زمني يحدد الأسبقيات في حدود الموازنة العامة.

وكشف البرادعي عن صدور كتاب زمن الخداع في26 إبريل الجاري بعشر لغات أجنبية يتناول بالتفصيل خلافاته مع الولايات المتحدة الأمريكية إبان كان رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن, وقال أحمد الله أن كل الذين افتروا علي في موضوع الحرب علي العراق إما في السجن أو طردوا من مواقعهم الإعلامية.. وإلي نص الحوار:

هل ستسعي الولايات المتحدة وإسرائيل للتأثير في مسار التحول الديموقراطي في مصر؟

أنا لست خائفا من التدخل الأمريكي أو الإسرائيلي في مصر, فهذا الخوف جزء من فقدان الثقة في النفس, بسبب أن مصر تحولت إلي دولة مهمشة, وبالتالي بات بيننا من يتساءل: هل أمريكا أو إسرائيل ستسمح لنا بالمضي علي طريق التقدم؟, لدرجة أننا ناقشنا علنا ضرورة أن يحظي الرئيس القادم في مصر بموافقة أمريكية, كما لو كنا عجزة. لكن علينا التذكر أن الثورة قامت علي الرغم من دعم إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لنظام مبارك, ثاني يوم الثورة قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن تقديرنا أن الحكومة المصرية مستقرة, وقمت بالرد عليها في قناة الـ سي إن إن قائلا يبدو أن تفسير كلينتون للاستقرار في مصر مختلف, يبدو أن الاستقرار الذي تقصده هو30 سنة من حكم الطوارئ, بعدها بأسبوعين تغير الموقف الأمريكي180 درجة عندما قال الرئيس أوباما إن الشعب المصري ملهم. لقد أصبحنا أعجوبة بالنسبة للعالم.

ما هو سقف توقعاتك للتدخل الأمريكي أو الإسرائيلي في مصر للدفاع عن نفوذها بالمنطقة, وهل تستبعد العمل العسكري أو استخدام الورقة الاقتصادية من قبل واشنطن عند اللزوم؟

مبدئيا أنا أستبعد توجيه أي عمل عسكري ضد مصر, أو استخدام الورقة الاقتصادية في صراع نفوذ هكذا, لأن أمن إسرائيل مهدد أكثر في عالم عربي مضطرب, واستقرار مصر ونجاحها في أن تكون نموذجا للدولة المعتدلة الحديثة سيؤثر علي المنطقة وسيمنع تطور الانفجارات ومحاولات التغيير الثوري والتطرف, اللذين باتا مشكلة العالم في فلسطين واليمن والصومال والعراق وأفغانستان وليبيا, إن نصف العالم العربي أصبح في حالة حرب أهلية, وهو ما جعل كل دول العالم تريد أن تعود مصر لدورها القديم كمنارة للثقافة والتعليم والحداثة في المنطقة.

لكن هل يمنع ذلك استمرار صراع النفوذ في المنطقة؟

كل دولة ستحاول الدفاع عن مصالحها, وستحاول تغيير النظام في مصر بما يحقق هذه المصالح, لكنك تستطيع أن تفرض الأمر الواقع في النهاية.

كيف؟

لا يمكن فصل السياسة الخارجية عن الداخلية, أولا: يجب أن نسعي لبناء دولة ديموقراطية حديثة ونعزز القوة الناعمة لمصر, علي صعيد التكنولوجيا, والاقتصاد, والتاثير الثقافي والحضاري, وثانيا: عودة مصر للعمل في فضائها الحيوي الكبير. لابد من إعادة بناء العالم العربي المتهالك وإحياء اتفاقية الدفاع العربي المشترك وربط مصر بالدول الإسلامية الكبيرة مثل أندونيسيا وماليزيا وتركيا وإيران, مما سيدفع الجميع إلي التعامل معك بندية, ولذلك فأنا متفاؤل لأننا لو وضعنا مصر علي الطريق الصحيح فلن نواجه أي مشاكل اقتصادية وستنهال المساعدات الاقتصادية والاستثمارات عليها.

في هذا الإطار كيف تري محددات الأمن القومي المصري؟

أولا: بناء قوة مصر الناعمة, ثانيا: تعظيم الفضاء الحيوي لمصر ليمتد من المحاور الثلاثة التقليدية( العالم العربي والإسلامي وإفريقيا), إلي الاتحاد الأوروبي( غرب وشرق أوروبا وجنوب المتوسط) والاقتصاديات الصاعدة( جنوب إفريقيا والبرازيل والهند), ثالثا: تحديد مصالح مصر القومية التي لا تتغير بتغيير الزمان والمكان, ورؤية لخطوط الأمن القومي الحمراء, رابعا: جيش قوي قادر علي مواجهة التحديات المعاصرة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة والحروب الأهلية.

تصورك لمستقبل الصراع العربي الإسرائيلي بعد ثورة25 يناير؟

أنا قلت إن السلام مع إسرائيل حصل بين الحكومة المصرية وتل أبيب وليس مع الشعب المصري, والشعور المصري والعربي لم يغيره سلام منفرد ولكنه سيتغير مع تغيير السياسات الإسرائيلية والأمريكية والغربية, غير أنه لا يمكن أن تحصل علي حل عادل في غياب تكافؤ القوي, السلام الجماعي يحتاج إلي رصيد للتفاوض عبر القوة. وليس بالضرورة القوة العسكرية, وإذا استطاعت مصر قيادة العالم لبناء القوة الناعمة فإن إسرائيل ستتحول إلي لوكسمبورج في الاتحاد الأوروبي, وحينها هي التي ستسعي لعقد اتفاقيات مع العالم العربي. فالسياسة توازن مصالح.

ما هي المبادئ الأساسية التي يجب أن تقوم مصر الجديدة عليها؟

الحريات الأربع وهي حرية العقيدة والرأي والحرية من الخوف والعوز أو الحاجة, والعدالة الاجتماعية, ولقد تعجبت عندما قرأت دستور1923 ووجدته ينص علي أن حرية العقيدة مطلقة, في المقابل ينص دستور1971 علي احترام الحريات ولكن طبقا للقانون الذي يخصم عند التطبيق110 في المئة من الحقوق التي منحها الدستور للمواطنين.

ومن المثير للأسي أن20 في المائة من المجتمع يعيش بـألف جنيها في العام, و20 في المائة بألف و800 جنيه في العام, و28 في المائة وبعد مرور60 عاما علي ثورة يوليو لا يقرأون ولا يكتبون, كما أننا ننفق3.6 في المائة فقط علي الرعاية الصحية في حين تنفق دول عربية مثل لبنان والجزائر10 في المائة وبعد أن كنا نخصص لها في الستينيات6%, والنتيجة أن نصف الشعب ليس لديه رعاية صحية علي الرغم من وجود4 آلاف وحدة صحية تم تجديد نصفها, لكن عندما يذهب الفقير إلي الوحدة الصحية لا يجد علاجا في حين كنا نخصص1.2 مليار جنيها للعلاج علي نفقة الدولة تذهب إلي غير مستحقيها وتحولت العملية في النهاية إلي فساد لو عندك واسطة تحصل علي قرار علاج. الموازنة العامة كانت مختلة بالكامل فيما يتعلق بالصحة والتعليم, الأمر الذي يستدعي إعادة هيكلة.

وبالتالي يجب أن يفهم البسطاء أن الدستور يرتبط بلقمة العيش, لأنك لو كنت مواطنا حرا, فأنت الذي ستقرر أسبقيات الدولة, وأنت الذي تستطيع أن تغير الفاشل, وبالتالي ستكون أسبقيات الدولة هي أسبقياتك, لأنك تمثل أغلبية الشعب مش واحد أصرف عليه ملايين وأطلعه يتعالج علي نفقة الدولة, وقدامه100 واحد بيموت علشان مش لاقي علاج, واللي يروح الجامعة الأمريكية يتعلم ويشتغل واللي ما عندوش فلوس أضحك عليه وأقوله أعلمك مجانا وهو لا مجاني ولا حاجة ويصرف فلوسه علي الدروس الخصوصية وفي الآخر لا بيتعلم ولا بيلاقي شغل.

وماذا عن برنامجك الإنتخابي في هذا الشأن؟

هناك توافق اجتماعي علي أننا نبني دولة جديدة علي طريق الإنتقال من نظام سلطوي قمعي إلي نظام ديموقراطي, ومن الترف في ظل غياب الحاجات الأساسية للمجتمع المصري أن نتحدث عن برنامج انتخابي كما في دول الغرب التي قطعت أشواطا في الديمقراطية, فالمسألة ليست كيف أكون يساريا أو يمينيا أكثر, فلا أحد يختلف علي أن كل مصري يجب أن يقرأ ويكتب ويشرب ويأكل ويلقي رعاية صحية, ومن ثم فالبرامج لن تكون مختلفة ولن يختلف أحد علي أولويات الحريات والعدالة الاجتماعية, لكن السؤال من يملك خبرة الإدارة الحديثة لتنفيذ البرنامج, ورؤية لمصالح مصر القومية والقدرة علي اتخاذ القرار في وقت سليم, وتحفيز المجتمع وإحداث توحد وطني علي الهدف. إن الإدارة الحديثة تعتمد علي عدة عناصر تبدأ بوضع تصور عام ورؤية واضحة وبرنامج مشترك, مرورا بالعمل الجماعي واللامركزية, واختيار فريق العمل علي أساس الكفاءة والمصداقية, ونظام للمحاسبة يقوم علي الشفافية.

في رأيي إذا كنت تتكلم عن دولة عمرها150 عاما من الديمقراطية كنت ستجد فروقا في البرامج, لكن مصر في مرحلة البدهيات والأساسيات التي لم تتحقق بعد.

ولكن ما هو الإطار العام لهذا البرنامج؟

يوجد الكثير الذي يجب أن نفعله أولا: علي المدي القصير, نقوم بإعادة توزيع الدخل بحيث نخصص نسبة أكبر للتعليم والصحة, وإستصدار القوانين التي توفر حلولا سريعة للمشكلات الأساسية لنصف الشعب الذي يعيش تحت خط الفقر, ثانيا: علي المدي المتوسط نقوم بزيادة حجم الدخل القومي عن طريق زيادة الاستثمار في مجال الصناعة كثيفة العمالة إذ لا توجد لدينا صناعة بالمعني المفهوم, وفي الزراعة نتبني نظام التعاونيات الكبيرة ليستطيع الفلاح الذي يزرع الآن فدانات أو نصف فدان أن يصدر وأن يحصل علي احتياجات الأرض من التقاوي وأن يعمل وفقا لشبكة نقل حديثة, ثالثا: ربط كل قطاعات النمو الاقتصادي والاجتماعي ببعضها البعض وربط السياسة الخارجية بالداخلية, في إطار برنامج شامل يقوم علي جدول زمني وفقا لأولويات الوطن وحدود الميزانية العامة, وهو ما لم يكن معمولا به في النظام السابق حيث كان كل وزير ينفق جزءا من ميزانية وزارته علي تجديد مكتبه ويعتبر الوزير الذي قبله ما يفهمش حاجة ويبدأ من جديد, رابعا: إن تقدم مصر باختصار مرتبط بزيادة إنتاجية الفرد وهو ما يتطلب الإعتماد علي التكنولوجيا المتقدمة وتطوير التعليم الذي يجب أن نوليه إهتماما كبيرا, إذا كنا نريد أن نلحق بدول مثل كوريا أو اليابان وخاصة أن لدينا موارد أكثر منهما, إذ يمكن أن نعيش علي السياحة فلدينا12 مليون سائح قد يرتفعون إلي30 مليونا إذا وفرنا البنية الأساسية والخدمات والاستثمار, كل الاقتصاديين يقولون إنه بدون التعليم لا تستطيع أن تنافس وإذ كنت تريد أن تشتغل بالزراعة والصناعة فلابد أن تعتمد علي التكنولوجيا.

كيف تري وضع مصر الآن؟

نتيجة الفساد المركب, أصبحت مصر قرب القاع في معدلات الفساد والمنافسة الاقتصادية, والدول الفاشلة( رقم49 من60 دولة), والتنمية الإنسانية( رقم123 أي أمامها122 دولة), في خمسينيات القرن الماضي كنا رأس برأس مع اليونان وكوريا الجنوبية, بينما الآن يصل متوسط دخل الفرد في البلدين من25 إلي30 ألف دولار, في مقابل1200 دولار في مصر.

هل أنت خائف علي مصر؟

لو وضعنا مصر علي الطريق السليم, بوضع دستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية علي أسس ديمقراطية سليمة, وأعدنا بناء المؤسسات علي قواعد المحاسبة والشفافية والصلاحيات المحدودة والعمل الجماعي والتفكير العقلاني والبعد عن التخوين وشخصنة الأمور, واحترام رأي الأقلية, فلن أكون خائف علي البلد.

هل مصر ينتظرها رئيس له خلفية عسكرية؟

لا أعتقد. فالأغلبية المطلقة تتفق علي أنه آن الأوان لاختيار رئيس مدني بعد60 عاما من الحكم العسكري, ومع ذلك ليس المهم من سينتخب, ولكن كيف سينتخب, فمادامت ستجري إنتخابات حرة ونزيهة وشفافة فمن حق أي مواطن أن يرشح نفسه.

أحبطت شهادتك في مجلس الأمن استصدار قرار بشن حرب علي العراق ودخلت في خلافات حادة مع الولايات المتحدة وإسرائيل حول الملفات الإيرانية والسورية والليبية, ومع ذلك نجحت محاولات تشويهك وتصويرك علي أنك عميل لإسرائيل وأمريكا وإيران في وقت واحد, ما هو تفسيرك لذلك؟

عندما جئت إلي مصر وبدأت أتكلم عن التغيير والمظاهرات السلمية وحق الاعتصام, تحولت من شخص أعطته الدولة المصرية قلادة النيل لما قدمه للإنسانية من خدمات جليلة إلي المسئول الأول عن ضرب العراق. ولم تتوقف حملة التشويه- التي اعتمدت علي أن أغلبية الشعب لا يقرأ- عند حدود الإعلام فحسب, بل تحركت بين المواطنين في الميكروباص والمترو إلي أن أخذت شكل الإنتقام مع الإعتداء الشهير الذي تعرضت له في المقطم يوم الإستفتاء علي التعديلات الدستورية ممن يطلق عليه الثورة المضادة. ولكن أحمد الله أن كل من قال هذا الكلام إما في السجن أو طرد من موقعه في الجهاز الإعلامي.

إلي أي مدي وصلت خلافاتك مع الولايات المتحدة خلال عملك رئيسا للوكالة؟

بشأن الحرب علي العراق, كان قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية قاطعا وصريحا, وهو ما عبرت عنه في شهادتي أمام جلسة مجلس الأمن في7 مارس2003 قبل الحرب بأيام والموجودة في وثائق المجلس, بالتأكيد علي عدم وجود دلائل علي امتلاك العراق سلاحا نوويا, وهو الكلام نفسه الذي قاله زميلي وقتها هانز بليكس المسئول في لجنة العراق عن الأسلحة الكيماوية والبيولوجية, فاضطرت الولايات المتحدة لدخول الحرب بدون قرار من مجلس الأمن بالمخالفة للقانون الدولي, ووصف في حينها كوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة هذه الحرب بأنها غير قانونية لأنها لم تحصل علي الشرعية من مجلس الأمن.

ولم تتوقف خلافاتي مع الولايات المتحدة خلال إدارة جورج بوش الإبن عند الملف العراقي, ولكنها امتدت إلي جميع الملفات الحساسة مثل الملف الليبي والسوري والإيراني, إلي درجة قيام الولايات المتحدة بالتنصت علي محادثاتي واتصالاتي وهو ما ذكرته وثائق ويكيليكس, بل كانت الدولة الوحيدة التي عارضت إعادة إنتخابي لمرة ثالثة لرئاسة الوكالة. وشهد مجلس محافظي الوكالة خلافات علنية بيني وبين السفيرين الأمريكي والإسرائيلي فيما يتعلق بمعالجتي لملفي سوريا وإيران التي دخلنا في صراع شديد بسببه وساهمنا بقدر كبير في تجنب حرب أخري كان من الممكن أن تدمر الشرق الأوسط بناء علي معلومات مغلوطة ومضخمة ولا تستند إلي الحقيقة, وهو ما يفسر أن نحو نصف مليون رابط مصدرها إسرائيل والولايات المتحدة من بين6 ملايين رابط تحمل اسمي علي موقع البحث الشهير علي الإنترنت جوجل, تتهمني بالعمالة لإيران والإنحياز لموقف الدول العربية والإسلامية. كل هذه الوقائع ستصدربعشر لغات أجنبية في كتاب زمن الخداع يوم26 إبريل الجاري علي أن يصدر بالعربية في وقت لاحق, ويتناول بالتفصيل كل خلافاتي مع الولايات المتحدة.

كيف كنت تتصرف حيال تلك الخلافات؟

كنت ألتزم برأيي كقاضي, من يوافق علي ما أبديه فأنا شاكر له, ومن يختلف معي, استطيع أن أدافع عنه, لأنني أقف علي أرض صلبة, وكما أقول دائما ليست لدي حكومة ولا جيش.. كل قوتي في مصداقيتي, وهو ما عكسه القرار الصادر عن الوكالة ويحمل توقيع150 دولة بتعييني رئيسا فخريا للوكالة بعد إنتهاء ولايتي الثانية, ويعبر فيه المجتمع الدولي عن تقديره للدور الذي قمت به خلال12 عاما.

وعندما حصلت علي جائزة نوبل بعد الحرب علي العراق وصفت الصحف الغربية هذه الخطوة بأنها ركلة في القدم للرئيس بوش, وهو ما عبرت عنه حيثيات الجائزة بقولها إن محمد البرادعي مدافع لا يهاب.

ما هي حدود علاقتك الآن بالولايات المتحدة, وإسرائيل وإيران؟

بالنسبة لإسرائيل وإيران, لا توجد أي إتصالات علي الإطلاق, وإذا طلبت إيران مقابلتي فسأفعل لكن لا يوجد لهم سفير لدي القاهرة حتي الآن, أنا لا أفرق بين دولة وأخري ولا توجد لدي حساسيات من أي نوع لأن ما أقوله في العلن هو ما أقوله في الغرف المغلقة, أما بالنسبة للولايات المتحدة فلا توجد أي علاقة خاصة, فأنا لست عدوا لها طول الوقت ولا صديقا طول الوقت, مثلها مثل كل الدول التي تأتي وفودها إلي مصر وتطلب مقابلتي, فجميع رؤساء الدول ووزراء الخارجية من أول وزير خارجية روسيا ووزير خارجية اليونان ورئيس جمهورية تركيا, ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس, كلهم التقيتهم بناء علي طلبهم.