كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أول من فكر في دعم الفقر فقرر تخصيص 5 ملايين جنيه من موازنة الدولة لدعم السلع الأساسية عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات بلغت قيمة الدعم 20 مليون جنيه، ثم تطور الأمر وبلغت قيمة الدعم في بداية حكم الرئيس مبارك 1.6 مليار جنيه، زادت بعد ذلك تكلفة الدعم في عصر مبارك الذي أمتد ثلاثون عاما ليصل إلى 100 مليار جنيه.
وفي فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي كانت قيمة الدعم تقدر بحوالي 120 مليار جنيه، ِليصل بعد أكثر من ستين عاما إلى 160 مليار جنيه، بما يعادل ثلث موازنة الدولة.
في حديثه لـ"دوت مصر" أكد الدكتور يحيى أبو طالب، أستاذ المالية بجامعة عين شمس، أن الحديث عن الدعم ظل خط أحمر خلال حكم مبارك، مما جعل الملف الاقتصادي يتحمل فوق قدرته وطاقاته، لذلك فإن الحديث اليوم عن تعديل خريطة الدعم وتخفف الدولة منه على مراحل يشهد جدلاً واسعًا ومخاوفًا كبيرة.
وأضاف أبوطالب أن الإصلاح المالي لا مفر منه في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وعلى الجميع تحمل هذه الظروف، موضحًا أننا إذا نظرنا إلى خريطة الدعم في مصر نجد أن الحكومة توجه الدعم إلى نحو 25 جهة أهمها دعم المواد البترولية والسلع التموينية والكهرباء وتنشيط الصادرات والمزارعين والإنتاج الحربي ونقل الركاب وتنمية الصعيد.
بداية التقليص
اتجهت الدولة لتقليص ملف الدعم والعمل على وصوله لمستحقيه منذ أكثر من عام عندما صرح أشرف العربي وزير التخطيط للإعلامي خيري رمضان في برنامج "ممكن" على فضائية CBC بأن هناك اتجاه نحو إعادة تسعير الخدمات التى تقدمها للمواطنين، مشيرا إلى أن الحكومات كانت تسعر الخدمات بالخطأ.
وأضاف العربي أن الأزمة في مصر أنه دائما عند الحديث عن الدعم نتصور أن مصر كلها فقراء، مشيرا إلى أن الحكومة ستعمل على التمييز السعري للخدمات وتدعيمها للمواطن المحتاج وتفريقه عن المواطنين القادرين، خاصة في مواد الطاقة.
ومن وقتها بدأت الحكومة في المضي قدما في تقليص الدعم، يقول الدكتور أشرف كمال أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس لـ"دوت مصر" إن الوقت غير مناسب لإعادة هيكلة الدعم، لأن هناك عدة أعباء أضيفت للمواطن المصري ومن أهمها ارتفاع قيمة الدولار وما سببه من توحش للأسعار.
ملف الدعم كما يقول كمال، يستحق الهيكلة من جديد، ولكن لا تكون تلك الهيكلة في وقت واحد مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة ومنع الاستيراد وغيرها من الاجراءات، موضحا أن الدعم أصبح عبئا على الموازنة ويستحق الوصول فقط لمستحقيه، وعلى الدولة أن تفعل ذلك في الوقت المناسب.
أرقام في ميزانية الدعم
- يحصل الدعم وحده على نحو 160 مليار جنيه، وهو أقل مما تم تخصيصه لسداد فوائد الديون والذي بلغ 182 مليار جنيه
- تدعم الحكومة السلع التموينية بنحو 30 مليار جنيه ما يوازي 15 بالمئة من إجمالي مخصصات الدعم، يحصل منها الخبز على 21.3 مليار جنيه، بينما تحصل السلع التموينية الأساسية ( زيت وسكر وأرز) على نحو 11.4 مليار جنيه
- أعلنت الحكومة نيتها رفع سعر الكهرباء للفئات الأكثر استهلاكًا، وتنفق الدولة نحو 13.3 مليار جنيه على دعم الكهرباء سنويًا، حيث يوجه فروق أسعار المواد البترولية المستخدمة في محطات توليد الكهرباء
من هذا المشهد الرقمي يستخلص الدكتور عبدالمنعم التهامي أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة حلوان، خريطة الدعم، موضحا أنه لا يصل إلى مستحقيه، ويستفيد منه الجميع وعلى حساب الفقراء.
وقال التهامي "لا يمكن البقاء هكذا في ظل ديون تستهلك الناتج المحلى الأجمالي وتنفق على دعم المواطنين دون تفرقة، موضحا أن استهداف شريحة معينة لها ظروف خاصة هو العدل الذي قامت من أجله 25 يناير".