وقع الجانبان التركي والإسرائيلي، منذ أيام، على اتفاق للمصالحة ينهي 6سنوات من التصريحات النارية والعدائية بين الجانبين، بعد قتل القوات التركية  لنشطاء أتراك على متن اسطول الحرية عام 2010.

بنود اتفاق المصالحة

ونص اتفاق المصالحة على تعهد الجانب التركي بتمرير قانون يمنع الملاحقة القضائية لأي جندي إسرائيلي شارك في عملية "مافي مرمرة"، فيما تدفع إسرائيل نحو 20 مليون دولار كتعويض للقتلى والمصابين الأتراك، ويتبادل الجانبان السفراء، ويزيلا كافة المعوقات للتعاون الثنائي بينهما، وتسمح إسرائيل لتركيا بإدخال مواد بناء إلى غزة، وإنشاء مشروعات مثل مستشفيات ومحطات مياه وغيرها داخل القطاع.

وفتح ملف المصالحة بين تركيا وإسرائيل التساؤل حول مصالح كل طرف من الأطرف في إعادة العلاقات مع الطرف الآخر، في ظل التغيرات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، بالإضافة إلى التغيرات الدولية ذات الصلة بالجانبين.

وسائل الإعلام الإسرائيلية رصدت مجموعة من الأهداف والمصالح المشتركة التي دفعت الجانبين للمضي قدما في طريق المصالحة حتى النهاية، ويمكن إبرازها فيما يلي: 

العلاقة مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا

على مدار السنوات التي سبقت أزمة مافي مرمرة، كانت العلاقات الإسرائيلية مع تركيا تمثل أهمية استراتيجية كبيرة للطرفين، لكن تغير الأوضاع خلال السنوات الماضية، بسبب توتر علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي كانت في الماضي، بمثابة الجسر التركي إلى واشنطن، أفقدها هذا الدور، وأصبحت تركيا في غنى عن الخدمات الإسرائيلية التي قد تؤديها لها، ورغم ذلك، ساعدت تركيا الجانب الإسرائيلي مؤخرا على افتتاح مكتب لها في حلف الناتو، وهو الأمر الذي تعطل لسنوات بسبب معارضة الجانب التركي قبل أن يغير موقفه.

وخلال الفترة الأخيرة، أصبح الجانبان التركي والإسرائيلي لهما أسهما قوية في السياسات الأمريكية والأوروبية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب.

البحث عن أصدقاء جدد

يتشابه الموقف التركي والإسرائيلي في أن كليهما يبحثان عن أصدقاء جدد في المنطقة، خاصة بعد الأضرار التي لحقت بسياسة "صفر مشكلات" التي كانت قد اعتمدتها تركيا مع جيرانها، فبعد عام واحد من واقعة "مافي مرمرة"، قطعت تركيا علاقتها بسوريا، كما تدهورت العلاقات مع الجانب المصري أيضا، وكانت دول الخليج ترى في الجانب التركي دولة غير صديقة، إلى أن حدث التغيير في السياسة السعودية تجاه أنقرة على يد الملك سلمان، كما انهارت ليبيا التي كانت مقصدا ومرتعا للاستثمارات التركية، في حين يعمل الجانب الروسي على الإضرار بالمصالح التركية، انتقاما منها؛ لقيام أنقرة بإسقاط قاذفة روسية على الحدود بين تركيا وسوريا.

الاقتصاد يتحدث

من بين الملفات أيضا التي دفعت بقوة باتجاه المصالحة، هو الملف الاقتصادي، فإسرائيل تريد بيع الغاز لتركيا، وخاصة بعد اكتشافات الغاز المصرية، بينما يرغب الجانب التركي في تنويع مصادر حصوله على الطاقة، وتقليل ارتباطه بالغاز الروسي.

كما أن حصول الجانب التركي على الغاز من إسرائيل يمكن أن يساهم في تحقيق الحلم الأردوغاني بجعل تركيا مركزا لعبور الغاز من منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا، وهو ما سيحقق ربحا كبيرا جدا للاقتصاد التركي.

داعش

تركيا وإسرائيل لهما اهتمام خاص بتنظيم داعش الذي من الممكن أن يؤثر على مستقبل البلدين، فهما قريبتان من قواعده الرئيسية، ولهما صلة قوية بالأحداث الواقعة في سوريا، وستعزز المصالة ملف التعاون الأمني والعسكري في الملف السوري.