‏بدأت نيابة قنا التحقيق في حادث مروع يهتز له الضمير الإنساني شهدته منذ أيام مدينة قنا بصعيد مصر‏,‏ ليأتي بإضافة لافتة لسوء فهم صحيح الدين‏,‏ والجهل بأحكامه‏,‏ وذلك حين اقتاد مجموعة من المتطرفين أحد المواطنين‏(‏ قبطي الديانة‏),‏لإقامة الحد عليه بقطع إحدي أذنيه‏,‏ وإحراق شقته وسيارته‏,‏ عقابا له علي اتهامهم له بإقامة علاقة آثمة مع فتاة سيئة السمعة كانت تقيم بشقة استأجرتها منه‏.‏

القصة بدأت بقدوم فتاة من أسوان لاستئجار شقة يملكها المواطن أيمن أنور متري‏,‏ وتم تحرير عقد بذلك‏,‏ ثم تطايرت الأحاديث حول سوء سلوكها‏,‏ الأمر الذي دفعه إلي محاولة فسخ العقد‏,‏ وهو ما تعذر من الناحية القانونية‏,‏ إلا أنه فوجئ فجر يوم الأحد الماضي بمكالمات هاتفية من جيرانه لإخباره بإشتعال النيران في الشقة المؤجرة‏,‏ مما دفعه إلي الذهاب إلي الشقة واتخاذه قرارا بالمبيت بداخلها حفاظا علي ما يتبقي من محتوياتها التي تخص المستأجرة غير الموجودة بداخلها في هذه الأثناء‏,‏ غير أنه فوجئ بأحد المتطرفين في ظهيرة اليوم التالي يطلب منه النزول إلي الشارع‏,‏ وقام بمعاونة مرافقين له بالاعتداء عليه‏,‏ وطلبوا منه الاتصال بالفتاة لإحضارها بحجة استرجاع الأثاث‏,‏ وما أن أتت حتي طالبوها بالاعتراف بالعلاقة الآثمة‏,‏ فلما فعلت تحت ما مارسوه من ضغوط‏,‏ قام نحو‏21‏ شخصا بالهجوم علي الشقة وتكسير محتوياتها بالكامل‏,‏ ثم قاموا بعد ذلك بقطع أذن ضحيتهم‏,‏ وإحراق سيارته‏.‏

وقد أمرت نيابة قنا برئاسة أحمد صقر مدير النيابة بضبط وإحضار الجناة‏,‏ وانتداب خبراء المعمل الجنائي لفحص السيارة المحروقة‏,‏ والشقة‏,‏ وتحويل المجني عليه إلي الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليه‏.‏

وفي أول رد فعل من علماء المسلمين علي هذا الحادث الآثم‏,‏ أعلن فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية‏,‏ أن ما حدث هو جريمة بكل المقاييس‏,‏ وأن الشريعة الإسلامية منه براء‏,‏ حيث إن الاعتداء بني علي خطأ جسيم في فهم وتطبيق آليات الشرع والقانون‏,‏ إذ ليس من حق الناس أن يقتصوا من بعضهم بعضا‏,‏ في حين أوضح الدكتور الأحمدي أبو النور وزير الأوقاف الأسبق‏,‏ أن الحكومة الشرعية هي المنوطة بالمعاقبة‏,‏ بينما أوضح الداعية الإسلامي الدكتور صفوت حجازي أن إقامة الحد هو من سلطة ولي الأمر فقط‏,‏ مضيفا أنه ليس في الإسلام حد قطع الأذن إلا في حالة واحدة فقط‏,‏ وهي القصاص في حالة قيام شخص بقطع أذن آخر‏,‏ مشيرا إلي أن النية في الحدود والقصاص لها أثر كبير في تشديد العقوبة أو تخفيفها‏,‏ وكذا انتفاء الشبهات التي تدرأ الحدود‏.‏

وقد عقدت جلسة مصالحة بين المتخاصمين بحضور نائب الحاكم العسكري بقنا‏,‏ باعتباره حادث أهلي ليس له أبعادا طائفية‏.‏