وصف المفكر الدكتور مصطفى الفقى استفتاء التعديلات الدستورية بأنه كان "مهرجان شعبى"، أثبت نجاح الثورة وتغيير الشعب، مؤكدا أن ترجيح كفة "نعم"، كان بسبب خروج الأغلبية الصامتة التى تريد عودة الحياة إلى طبيعتها وانتهاء القلق الذى تمر به مصر، كما انتقد الاعتداء على الدكتور البرادعى ووصفه بأنه "عملية همجية"، اتهم فيها بقايا بلطجية الانتخابات الذين يريدون إفساد روح الديمقراطية التى تمر بها البلاد.

ورفض الفقى – فى حواره مع برنامج الحياة اليوم - اعتبار الإخوان السبب فى قبول التصويت وقال "جماعة الإخوان قوة تصويتية مهمة لكنها ليست الدافع الرئيسى لقبول الاستفتاء كما يشاع، فهى مسئولة عن 40 % من خلال أعضائها والمتعاطفين معها، بالإضافة إلى أصوات بقايا الحزب الوطنى خصوصا العائلات الموجودة فى الأرياف، والباقى أفراد عاديون خرجوا ليشاركوا فى تأدية دور وطنى مهما كان موقفهم ، على عكس السنوات الماضية التى كانت تشهد غياب جماهيرى عن أى عملية انتخابية لأنهم كانوا يعلموا ان أصواتهم لم يكن لها قيمة".


وأضاف "فى الانتخابات البرلمانية سيكون نفس المشهد بل ستتضاعف الأعداد، فعدم خروج 46 مليون من الممكن أن يكون بسبب أن التعديلات ليست مثيرة للمواطن العادى، لأنها لا يوجد فيها أسماء، بالإضافة إلى أن الفرق بين نعم ولا ليس كبيرا، على عكس ما سيحدث فى الانتخابات القادمة سواء البرلمانية أو الرئاسية".

وأوضح الفقى أنه كان معارضا للتعديلات قائلا " كنت أريد أن يأتى النظام القادم على نظافة، لكن فى الوقت ذاته الاختلاف ليس كبيرا ولا يحتاج إلى كل التخوفات التى يثيرها بعض التحليلات لأن الجمعية التأسيسية التى سيختارها الرئيس القادم سواء كانت من مجلس الشعب أو من خارجه لن تستطيع فرض صلاحيات غير منتهية على الشعب، فميدان التحرير ما زال موجودا، وانتهى حاجز الخوف عند المواطنين، ولن يأتى مرة أخرى إلى حكم مصر شخصيات تاريخية مثل مبارك أو غيره ذات صلاحيات فرعونية".

وعن إجراء الانتخابات البرلمانية فى خلال شهرين بعد قبول التعديلات الدستورية، طالب الفقى بأن بالقائمة الموحدة حتى تسمح بتنوع القدرات، قائلا "عندما كنت رئيسا للجنة العلاقات الخارجية فى البرلمان لم يكن هناك 10 فقط يستطيعون معرفة لغة أجنبية "، كما شدد على ضرورة إلغاء تقسيم البرلمان إلى عمال وفلاحين ووصفه بأنه "كلام فارغ"، قائلا " ليست جزءا من الفكر الاشتراكى، وكان عندنا 14 لواء شرطة تحت فئة الفلاحين، فالنظام السابق كان يعتمد على طرق للتحايل على أى شروط مثل مجانية التعليم، والأهم فى الفترة المقبلة أن نعمل ما نقول".

ونفى الفقى أن تكون الفترة المتاحة قبل الانتخابات قليلة، حيث اعتبر أن الانتخابات ستكون الامتحان الحقيقى للأحزاب السياسية أو أى قوى تريد تحمل المسئولية، خصوصا أن المجلس العسكرى لا يريد الاستمرار فى الحكم وليست لديه شهوة السلطة بل يريد العودة إلى خدمته الأساسية وهى حماية الأمن القومى.

وقال " على كل من يرغب فى الاشتراك فى الانتخابات أن ينزل ويثبت نفسه للشارع ، وأتوقع أن تسقط ثلثى الأحزاب الموجودة حاليا فى هذا الاختبار لعدم وقوفها على أرضية شعبية قوية ، وستطغى قوى الإخوان وحزبى الوفد والتجمع والناصرى كما أننا سنجد وجوها كثيرة من البرلمان السابق من الحزب الوطنى يدخلون المنافسة من جديد ، واعتقد أنه سيكون مشكلة لو أعادوا ترتيب أوراقهم بنفس الاسم القديم".

وأضاف " رغم معارضتى لأفكار جامعة الإخوان إلا أنى احترمهم ، وسعيد لأنهم سيمارسون عملهم السياسى بحرية وفى النور ، وهو ما يجب أن يدفعهم إلى التأقلم مع الواقع وظروف 2011 ، حتى يزيلوا التخوفات التى تقع فى نفوس الليبراليين والأقباط من أن توليهم السلطة سيزيد من القيود على البلد ، واعتقد أنهم تغيروا فعلا فى الفترة الأخيرة".

وأشار الفقى أن خبرة الإخوان والتى تمتد إلى 83 سنة فى التنظيم تجعلهم جزءا من المعارضة القوية وتؤهلهم إلى أن يكونوا شريك فى الحكم سواء رئاسة البرلمان أو الحكومة لكنهم سيلتزمون بقرارهم فى عدم الخوض فى الترشح للرئاسة.

وأشار الفقى أن هناك العديد من المرشحين للرئاسة ، متوقعا أن تكون الإعادة بين البرادعى وعمرو موسى، وقال " يتميز عمرو موسى بامتلاكه الخبرة التى تؤهله للعمل منذ أول يوم عقب نجاحه ، كما أنه يتميز بكاريزما عالية فى التعامل مع المجتمع وخبرة فى التعامل الدبلوماسى مع القضايا الخارجية ، أما البرادعى فيتسم بالنزاهة وضمانة المحاسبة فى كل شىء لأنه سيتعامل مع الرئاسة بمنظور المعايير الدولية الحاسمة وليس النظام المصرى ، فهو موظف دولى قدير وأخلاقياته متميزة واستغرب ممن يهاجمونه أو يقللون من مواقفه بخصوص العراق ويثيروا إشاعات حول تورطه فيها رغم أن التاريخ يثبت أنه كان ضد هذه الحرب وهجومه على البرنامج النووى الإسرائيلى".

وعن بقية مرشحى الرئاسة الذين أعلنوا خوضهم المنافسة، قال الفقى "حمدين صباحى رجل العدالة الاجتماعية يستطيع أن يجمع حوله الشارع، أما المستشار هشام البسطويسى فهو يمثل نقاء القضاء ورقيه ، أما أيمن نور فرغم نجاحه المرة السابقة فى أن يكون وصيف الرئيس إلا أن فرصته ضعيفة فى هذه الانتخابات".

كما أوضح أن كمال الجنزورى ليس بعيدا عن المنافسة، واعتبر أن أدب ولباقة أحمد شفيق استهوى ناس كثيرين الذين ظهرت دعواتهم لترشيحه، رافضا أن يكون ارتباطه بنظام مبارك السابق سبب فى منعه من المنافسة، قائلا " كل مرشحى الرئاسة سواء الذين أعلنوا أو غيرهم مرتبطة بالرئيس مبارك وتعاملوا مع النظام السابق لكن الفيصل بينهم هو هل كان فاسد أم حارب هذا الفساد".

وأكد الفقى أن الرئيس القادم لمصر هو من سيكون قادر على التحالف مع الإخوان والأقباط والذين اعتبرهم أكبر قوتين متجانستين فى مصر فى الفترة الحالية، وظهرت بوادرهم فى المشاركة فى الاستفتاء ، قائلا " الإخوان عايزين حق حرية العمل وان يكون الرئيس عادلا وسياسيا وحرية، والأقباط تريد حق المواطنة وإزالة التخوفات من داخلها حول التعدى على هذا الحق، والذى سببته بعض التصرفات غير المسئولة من أفراد ترتبط بأى جماعة إسلامية ، وتؤثر على العقل الجمعى للجماهير التى تربطها بالتيار الإسلامى بشكل عام ، والذى لا يفرق بين الإخوان والجماعات السلفية".

وعبر الفقى عن استيائه من ظهور عبود الزمر على شاشات التليفزيون وحديثه الذى قسم المصريين إلى درجة أولى وثانية ، وقال " ما قاله كلام خطير ورغم أنى متعاطف مع استمرار حبسه أكثر من 10 سنوات بعد انتهاء فترته إلا أن الثورة استطاعت القضاء على ما كان يتم ترويجه من جود فتنة طائفية لا يجب أن نعيد إيقاظها ، وفى النهاية فالمسلمون من سلالة المسيحيين الذين كانوا فى مصر قبل قدوم عمرو بن العاص".