عقب تحطم الطائرة المصرية القادمة من باريس، وتناثر أجزائها في البحر الأبيض المتوسط، يوم الخميس الموافق 19 مايو، وفي الوقت الذي مازال فيه البحث جاريًا على الصندوق الأسود للطائرة، مازال الحزن يسكن قلوب العاملين بشركة مصر للطيران.
فبعد اختطاف طائرتها في 30 مارس الماضي، على يد سيف الدين مصطفى، ومرور أقل من شهرين على الحادث فوجئت ياسمين طارق "مضيفة جوية في الثلاثين من عمرها " بخبر اختفاء الطائرة المصرية القادمة من باريس، أسرعت إلى هاتفها، للاتصال بالشركة، والوصول إلى تفاصيل الحادث، والاطمئنان على زملائها، ليؤكد لها المسؤلون بالشركة تحطم الطائرة.
بعد تنهيدة طويلة مليئة بالحزن والألم، تروى ياسمين لـ"بوابة الأهرام"، إن الرحلة التي جمعتها بهيثم العزيزى (مضيف جوى) وأحد أفراد طاقم الطائرة المصرية المنكوبة، كانت من نيويورك، حيث هبت عاصفة ثلجية على المدينة منعتهم من الإقلاع لمدة 24 ساعة كاملة.
وأضافت ياسمين، أن الرحلة التي جمعتها مع الكابتن محمد شقير كانت متجهة إلى جوهانسبرج، وكان مساعد طيار في ذلك الوقت، وكانت من أجمل الرحلات التي تتذكرها دائمًا، ليتم ترقيته بعد ذلك إلى كابتن طيار على الطائرة 320 إير باص، مشيرة إلى أن رحلتها إلى المدينة المنورة في 12إبريل 2016 كانت آخر رحلاتها مع شقير.
وأولى رحلاتها بعد حادث تعرض طائرتها للاختطاف، مشيرة إلي أن تعرضها لهذا الحادث، لم يمنعها من الاستمرار في عملها، لأن مضيفات "مصر للطيران"، مدربات علي كيفية التعامل مع المواقف الصعبة، والتخلص من الأزمات النفسية والضغوط، التي تسببها هذه الحوادث.
ولا تزال ياسمين، تتذكر مواقفها مع طاقم الطائرة المنكوبة، التي كان زميلها عاطف عبد اللطيف "مضيف جوى" أحد أفراد طاقمها وكان قد لقى حتفه إثر تحطمها، والذي قالت أنه "شخص محترم خفيف الظل ويقدر قيمة العمل"، سافرا معًا ثلاث رحلات خارجية إلى جدة والمدينة المنورة ودبي ، ورحلة واحدة داخلية إلى الغردقة.
وبتأثر شديد تحدثت ياسمين عن شقاوة محمد ممدوح "مساعد الطيار " والذي كان على متن طائرة مصر للطيران المنكوبة، قائلة، إنه شاب طموح كان يجعل أي رحلة ممتعة، مشيرة إلى أنها سافرت معه إلى بيروت والإسكندرية وشرم الشيخ، وكان والده أحمد ممدوح عاصم "كابتن طيار بشركة مصر للطيران" من أكفأ طياري الشركة والذي يشهد له الجميع بالتميز، وحسن الخلق.
وعن طبيعة عملهن أوضحت ياسمين أنه يتم استلامهن العمل، وفقًا لطراز الطائرة، فالمضيفات تسافر على جميع الطرازات بالشركة، وهم 4 طرازات، أما الكابتن فيطير على طراز واحد و مع كل ترقية يتم نقله إلى طراز جديد أعلى، مشيرة على أن الحادث لم يؤثر عليهم في مجريات العمل قائلة أن الأعمار بيد الله، كما أن الشركة في كل الأحوال تكثف من تدريبهم ولم تنظر الحادث حتى تزيد التكثيف.
أما هبة الوكيل المضيفة الجوية التي تعمل بشركة مصر للطيران منذ 11 عامًا فتحدثت بمزيد من الأسى عن طاقم الطائرة المنكوبة قائلة إنهم فريق عمل واحد، كان يتم تدريبهم على قواعد وقوانين مهنية واحدة.
وأشارت إلى أن ميرفت زكريا، رئيسة طاقم ضيافة الطائرة المنكوبة، من أكثر الشخصيات المحترمة بالمطار، وكانت قدوه للجميع، وزوجة مخلصة لزوجها "كابتن طيار" ناصر نصار، والتي رفضت الزواج بعد وفاته ،وكرست حياتها ووقتها لابنتها الوحيدة ،وعلمتها أفضل تعليم، إلى أن التحقت بالجامعة الأمريكية.
واستكملت الوكيل قائلة :"كانت ميرفت خلوقة، لا تخلو حقيبتها من إسدال الصلاة والمصحف، وكانت تروى لنا عن عشقها لباريس، التي كانت تعيد لها ذكرياتها مع زوجها، مشيرة إلى أنها كانت مثالًا للإنسانة الراقية، دائمة توجيه النصائح لهن بطريقة لطيفة دون أن تشعرهن بفارق الخبرة.
وكان من أهم تلك النصائح ،حثهم على حسن معاملة الركاب، في أي وقت وتحت أي ظرف، مع ضرورة تفهم الطبائع الشخصية لهم، وإدراك أن هناك اختلافًا بين راكب وآخر، بالإضافة إلى حسن التواصل مع زملائهم على متن الطائرة، حتى يكونوا قادرين على تحمل ضغوط العمل.
وأشارت الوكيل، إلى أن مصر للطيران شركة عريقة، كانوا على موعد للاحتفال بمرور 84 عاما من النجاح على الشركة، على أن يقام الحفل بدار الأوبرا المصرية، بقيادة الموسيقار الكبير عمر خيرت، إلا أنه تم إلغاء الحفل بسبب الحرائق المتتالية التي تعرضت لها مصر، وخاصة حريق الرويعى والغورية .
وأضافت الوكيل أنهم قبل كل رحلة بساعة على الأقل، كانوا يصعدون إلى الطائرة لتفتيشها، والاطمئنان بأن كل شئ على ما يرام، من خلال عمل فحص شامل للطائرة، والنظر أسفل الكراسي، والتأكد من أن جميع اللمبات بالطائرة مضاءة.
وأوضحت أن باب الطائرة، بها 6 لمبات صغيرة، يجب أن تكون جميعها مضاءة، وفى حالة وجود لمبة واحدة غير مضاءة، فإنه يتم إبلاغ الصيانة على الفور، وفى حالة عدم إصلاحها، يمكن ألا تقلع الطائرة، كما يتم فرض غرامة على الشركة.
ولفتت إلى أن الطائرة "إير باص 320" من أحدث الطائرات الموجودة بشركة بالشركة، وان جميع الطائرات التي توجه إلى أوروبا ،يجب أن تكون على درجة عالية من الكفاءة.
وأكدت الوكيل أن شركة مصر للطيران، من أهم الشركات المصرية، التي تدر دخلا كبيرا لمصر، بها 32 ألف عامل، جميعهم يعملون على رفعتها وتطورها ونجاحها، وأن ما يثار حولها من إشاعات، ما هو إلا محاولات فاشلة للإساءة بسمعتها وهدمها.