أطلقت الصحف الخاصة قذائفها علي مصر لأنها تدعم وتقوي الجدار الذي يفصل بينها وبين الفلسطينيين في غزة.. الكاتب الشهير الذي يحظي بدعم وتمويل إيراني كتب في إحدي الصحف الخاصة مستنكرا أن تدعم مصر ما أسماه جدار رفح العظيم حتي لا يتم تكرار محاولات اقتحام مواطني غزة للأراضي المصرية في شهر يناير .2008
وبغض النظر عن التقنية المستخدمة في بناء الجدار فما يهمني في المقام الأول هو تدعيم السيادة المصرية بأي أسلوب لأنها حق من حقوق الدولة يجب الحفاظ عليه وتدعيمه.
ما يستفزني في كتابات السادة الصحفيين بالإصدارات الخاصة هو أنهم لا يضعون حدا فاصلا بين حق السيادة وحق المقاومة.. الكتاب الكبار أمثال فهمي هويدي ونافعة وغيرهما يعتقدون أن أي إجراء تمارسه مصر للحفاظ علي سيادتها خاطئ إذا كان يتعارض مع حق المقاومة في الحصول علي السلاح.
والمعني أن علينا أن نقبل بتهريب السلاح لغزة وتسلل الأفارقة لإسرائيل بحثا عن فرصة عمل.
الجدار الذي قالت وكالات الأنباء إنه فولاذي وأقوي من خط بارليف ومصنوع من صلب قوي لا تخترقه القنابل هو في حقيقة الأمر نفس الجدار القائم حاليا مع تدعيمه بأساسات غير ظاهرة للعيان دفنت تحت الأرض.. الأسلوب الذي تتم به تقوية أساسات الجدار متعارف عليها في العالم كله ويطبق في ناطحات السحاب حيث تكون الأساسات من ألواح الصلب.. سواء كان عرضها 50 سنتيمترا وطولها 18 مترا كما ذكر البعض. أو كانت بعرض 35 سنتيمترا وطول 15 مترا. فإن الحقيقة أنها أسلوب جديد في تشييد الأسوار والجداريات ذات الارتفاع المنخفض عن 15 مترا.
البعض يحاول إظهار مصر وكأنها تساهم في حصار الفلسطينيين بالتضييق علي منافذ تهريب السلاح لهم.. وينسي هؤلاء أن تهريب السلاح عبر أنفاق سيناء هو اعتداء مباشر علي سيادة مصر وشرعية الدولة.
من حق مصر التي تهتم لسيادتها أن تطور الجدار الفاصل بينها وبين غزة.. من حقها أن يكون الحائط قويا لا تسقطه لوادر أو جرارات كما حدث في المرة الأولي وكما حدث مرات أخري.
يحاول الزملاء من الكتيبة الإعلامية الإيرانية المنتشرة في صحفنا الخاصة الإيحاء بأن أمريكا أقنعت مصر بتركيب هذه التقوية الحديثة في الجدار لتساهم في حصار غزة مع إسرائيل.. وما هكذا تورد الإبل!! .. لقد بحثت مصر عن أفضل تقنية موجودة لإقامة الجدار ووجدتها عند الولايات المتحدة التي أقامت سورا أو جدارا مماثلا علي حدودها مع المكسيك لمنع التهريب وتسلل المواطنين للعمل في الولايات المتحدة.. من ثم فإن تركيب جدار يسمح بمرور السيارات من الجانبين دون تدخل يدوي والكشف من خلال رادار متقدم عما إذا كان هناك أسلحة بها أم لا هو أمر يقع في نطاق الحرص والحذر وحماية الحدود التي تحرص عليها أي دولة.
ان مصر لا تشدد الحصار وتحكم سد المنافذ علي الفلسطينيين من خلال هذا السور. ولكنها تحمي نفسها وابناء غزة من خطر الطرد من أراضيهم وتوطينهم في سيناء وهو خطر معروف سلفا.. لم تستعد القاهرة أرض الفيروز بالحرب والسلام كي تقيم فيها مخيمات للفلسطينيين مثل الموجودة في لبنان وسوريا والأردن.
لقد زعم البعض أن أمن مصر ليس مهددا من قبل الفلسطينيين.. وربما يكون هذا صحيحا.. لكنه قد يكون مهددا من قبل إسرائيل.. إذا حرضت الدولة العبرية العالم ضدنا. فهذا معناه عقوبات. بل إن الأمور يمكن أن تسوء أكثر من ذلك إذا دعت أمريكا مجلس الأمن لفرض عقوبات اقتصادية ضد مصر والأهم من ذلك فرض تفتيش أمريكي ودولي علي الأرض المصرية للتصدي لأي شحنات تهريب.
لقد رفضت مصر رفضا قاطعا الاشتراك في المنظومة الأمنية التي وقعتها أمريكا وإسرائيل في أواخر عهد بوش الابن وابرمتها تسيبي ليفني وكوندا ليزا رايس.. الاتفاقية الأمنية تلزم كل دول المنطقة بالسماح بمراقبة جوية وأرضية وبحرية لعمليات التهريب عبر الحدود.. كثيرون قبلوها.. إلا مصر.. دول الصمود والتصدي قبلتها.. وضربت قوافل تحمل اسلحة علي أراض عربية نتيجة لهذه المراقبة.. مصر لن تقبل بهذا.. العدو لم يتغير ولكن الذي اختلف هو الظرف العالمي الذي يمكن أن يعيد سيناء تحت السيطرة الدولية بعد كل التضحيات التي قدمت والدماء التي سفكت فيها.
عندما توقف مصر التسلل عبر الانفاق إلي غزة فإنها لا تعادي الفلسطينيين ولا تصادق الأمريكيين ولا تسترضي الإسرائيليين.. انها دولة ذات سيادة تحافظ علي أراضيها.. ليس عيبا أن تسعي لجلب تكنولوجيا ليست عندها لتراقب بها الانفاق.. وليس محظورا عليها أن تستخدم الوسائل الحديثة لتحافظ علي سيادتها.. هناك متربصون بمصر في الكونجرس الأمريكي من أصدقاء إسرائيل يهمهم توقيع العقوبات علي القاهرة.. يحرصون علي إحراج الدولة وممارسة ضغوط دولية عليها في مجلس الأمن والأمم المتحدة.. الرئيس مبارك يعلم جيداً المراد بمصر ولن يغامر بوضعها موضع تهديد أو ضغط.. أما سلاح المقاومة فله طرق كثيرة يمكن أن يدخل منها سواء من البحر أو الحدود اللبنانية أو.. أو.
إننا نؤكد من جديد أنه جدار السيادة والعزة والكرامة.. جدار الاطمئنان إلي أن أهم جزء في أمننا القومي وهو سيناء محمي من الاختراقات والمغامرات.
إن جماعة الإخوان المسلمين التي تقدم نوابها ببيان للدكتور سرور في مجلس الشعب يزعمون أن الجدار مشاركة منا لعدونا ضد إخواننا.. ولهم نقول إن الحرب مع إسرائيل انتهت ولن نحارب إلا دفاعاً عن أرضنا وليس من أجل حفنة من المهربين وتجار السلاح والسوق السوداء.
الاقتصاد الفلسطيني السفلي من الأنفاق السرية آن له أن يتوقف وعلي "حماس" أن تبادر بتوقيع اتفاقية المصالحة والتي تتضمن فتحاً دائماً للمعابر بما فيها منفذ رفح واشرافاً عليها.. إن حماس هي التي وقفت ضد مصالحها وسوفت وماطلت وساومت.. والآن عليها أن تبدي إيجابية أكبر إذا كانت تريد التخفيف عن حصار أهلها وعذابهم ونومهم في العراء.. تشدد "حماس" وأوامرها التي تتلقاها من دمشق وطهران هي التي تحاصر الفلسطينيين وتجوعهم وليس الجدار المصري.
كلمة أخيرة.. يجب أن يراعي الكتاب ضمائرهم وهم يكتبون عن بلدهم ويتوقفون عن سماع شخللة الدولارات التي تدفعهم لتغيير ذمتهم!.